قصة طلال أبوغزاله مع والدته: وفاء الابن ونداء الأم عندما ينبض قلب الأم باسم ابنها

30 أكتوبر 2024

برّ الوالدين ورعايتهم الوصية التي اوجبنا فيها الله والرسل والتي لطالما تتردّدت على ألسنة الحكماء والمصلحين عبر العصور، لما له من مكانة عظيمة في ميزان القيم الإنسانية والأخلاق، وعندما نتأمل هذه القيم، نجد أن مواقف الأبناء تجاه والديهم، مثل تلك التي أظهرها المفكر العربي الدكتور طلال أبوغزاله تجاه والدته عندها مرضها، تجسّد أسمى معاني الحبّ والوفاء وتقدم معاني انسانية عظيمة.

يروي الدكتور طلال أبوغزاله في فيديو قصير قصة مؤثرة عن يوم كان في صحبة والدته، حين لاحظ عليها علامات التعب والاعياء والتلعثم في الكلام، فهبّ فوراً للاتصال بالمستشفى لطلب سيارة إسعاف لنقلها إلى المستشفى وعندما وصلت سيارة الإسعاف، سارع الدكتور طلال برفقة والدته للأطمئنان عليها، وما إن كانوا في الطريق باتجاه المستشفى حتى فقدت والدته وعيها، ليبقى قلبها وحده ينبض بالحياة. وفي تلك اللحظات الحرجة، لم يكن همّ الدكتور طلال إلا أن يكون بجانبها، مستشعراً في أعماق نفسه واجب الابن البار في والدته الذي لا يفارقها، فطلب من المستشفى كرسياً ليرابط عند باب غرفتها دون مغادرة، على الرغم من تأكيد المستشفى بأنّهم سيقدّمون لها كامل الرعاية التي تحتاجها.

أمضى الدكتور طلال أربعة عشر يوماً متواصلة بجانب باب غرفة والدته في المستشفى، لم يغادر مكانه إلا لتناول الطعام السريع الذي يعيده للطاقة ليكمل واجبه تجاه امه، في حين كانت الأيام تمرّ ببطء، وكل لحظة يترقب فيها عودة وعي والدته ويترقب شفاءها، وفي لحظةٍ من اللحظات، وأثناء الفحص الطبي، كانت تُشَكُّ والدته بالإبرة لتقييم حواسها، والتأكد أنها مازالت على قيد الحياة حتى كان أول ما نطقت به هو "طلال" وهو ما اثار استغراب الطبيب المشرف على حالتها ليجيبه طلال إن ايمانه بأنه تشعر بوجوده هو مادفعه للبقاء على باب الغرفة لمدة 14 يوم.

هذه القصة تلخّص اجمل وأبهى معاني البرّ والصلة العميقة بين الوالدين وأبنائهم، وتظهر لنا أنّ العلاقة بين الوالدين والأبناء ليست مجرد واجب بل هي ميثاقٌ وجدانيّ يحمل في طياته حباً لا يُضاهى، وتضحية لا تُقدّر بثمن، كما أن  الدروس التي قدمها الدكتور طلال في رسالته من هذا الموقف هي أن الحب الذي يزرعه الآباء في قلوب الأبناء منذ نعومة أظافرهم يُثمر وفاءً وخيراً يتجلى في أصعب الظروف.

بقلم: إحسان القاسم