الدور الحاسم للأمم المتحدة في تنظيم الذكاء الاصطناعي
14 أكتوبر 2024عمان/ منصة طلال أبو غزاله للاعلام المعرفي
لسنوات عديدة، كنت أدعو إلى استجابة دولية منسقة لمواجهة صعود الذكاء الاصطناعي. يستلزم التطور السريع لتقنيات الذكاء الاصطناعي جهدًا جماعيًا لتنظيمه واستغلال إمكاناته لصالح البشرية جمعاء، حيث إن غياب إطار حوكمة موحد يترك الذكاء الاصطناعي في وضع غير مستقر، مما يترتب عليه تداعيات كبيرة على مستقبلنا.
على الصعيد العالمي، تم إنشاء العديد من أطر حوكمة الذكاء الاصطناعي، مثل مبادئ منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية فيما يخص الذكاء الاصطناعي، والمبادئ التوجيهية الأخلاقية الخاصة بالاتحاد الأوروبي حول الذكاء الاصطناعي الجدير بالثقة، والعديد من الأطر الأخرى. ومع ذلك، اعتمدت بعض الدول فقط هذه الأطر، مما ترك الغالبية دون حوكمة شاملة للذكاء الاصطناعي. إن هذا النهج المجزأ يمثل خطرًا كبيرًا مع استمرار تقدم تقنيات الذكاء الاصطناعي واندماجها في حياتنا اليومية.
تقرير
الأمم المتحدة النهائي الأخير حول حوكمة الذكاء الاصطناعي "حوكمة الذكاء
الاصطناعي من أجل الإنسانية"، الذي نُشر في ايلول/سبتمبر
2024، يبرز الطبيعة الحرجة للذكاء الاصطناعي، معادلًا أهميته بتلك الخاصة بتغير
المناخ. يتضمن التقرير سبع توصيات رئيسية لمعالجة المخاطر المتعلقة بالذكاء
الاصطناعي وفجوات الحوكمة:
إنشاء لجنة علمية دولية للذكاء الاصطناعي: ستقدم هذه اللجنة معرفة علمية موثوقة وغير متحيزة حول الذكاء الاصطناعي، مما يساعد الدول الأعضاء على تطوير فهم مشترك ومعالجة عدم التماثل في المعلومات.
إنشاء سياسة حوار جديد حول حوكمة الذكاء الاصطناعي: سيشمل هذا الحوار اجتماعات بين الحكومات المتعددة وأصحاب المصلحة المتنوعين لتعزيز أرضية مشتركة والتوافق التنظيمي المتجذر في حقوق الإنسان.
تطوير منصة لتبادل معايير الذكاء الاصطناعي: ستضمن هذه المبادرة التوافق الفني لأنظمة الذكاء الاصطناعي عبر الحدود، بمشاركة ممثلين عن منظمات المعايير، والشركات التكنولوجية، والمجتمع المدني.
تشكيل شبكة عالمية لتطوير قدرات الذكاء الاصطناعي: ستعزز هذه الشبكة قدرات حوكمة الذكاء الاصطناعي من خلال تقديم التدريب، وموارد الحوسبة، ومجموعات بيانات الذكاء الاصطناعي للباحثين ورجال الأعمال الاجتماعيين.
إنشاء صندوق عالمي للذكاء الاصطناعي: سيدعم هذا الصندوق مشاريع الذكاء الاصطناعي في المناطق النامية، وخاصة في الجنوب العالمي، لاستغلال فوائد الذكاء الاصطناعي والمشاركة في حوكمته.
إنشاء إطار عمل عالمي لبيانات الذكاء الاصطناعي: سيضمن هذا الإطار الشفافية والمساءلة في أنظمة الذكاء الاصطناعي.
إنشاء مكتب للذكاء الاصطناعي: سيدعم هذا المكتب ويقوم بتنسيق تنفيذ هذه المقترحات.
يسرني أيضًا أن دعواتي لإنشاء لجنة مستقلة
للذكاء الاصطناعي قد حظيت بدعم الأمم المتحدة. فهذا أمر ضروري للحفاظ على الشفافية
والمساءلة في المجتمع العالمي للذكاء الاصطناعي، والحاجة إلى لجنة مستقلة من
الخبراء الدوليين لمراقبة هذا العمل الهام.
يدعو
التقرير الأممي إلى تجديد الحوار بين الدول الأعضاء البالغ عددها 193 دولة لمعالجة
مخاطر الذكاء الاصطناعي وتنسيق الإجراءات. ويؤكد على ضرورة تمكين الأمم المتحدة
للدول النامية، وخاصة في الجنوب العالمي، لاستغلال فوائد الذكاء الاصطناعي
والمشاركة في حوكمته، مع توصيات تتماشى مع "الميثاق الرقمي العالمي" الذي
يهدف إلى معالجة الفجوات في الوصول الرقمي بين الدول.
إن خبرتي الواسعة مع الأمم المتحدة ومساهماتي العديدة في مجال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا تضفي وزنًا كبيرًا على هذه الدعوات للعمل. وبصفتي رئيس التحالف العالمي للأمم المتحدة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتنمية وعضوًا سابقًا في مجلس الميثاق العالمي للأمم المتحدة، كنت في طليعة الجهود الرامية إلى دمج التكنولوجيا في استراتيجيات التنمية العالمية. توفر كتبي ومقالاتي عن الذكاء الاصطناعي رؤى قيمة حول الفرص والتحديات التي تطرحها هذه التكنولوجيا التحويلية.
تلعب الأمم المتحدة دورًا حاسمًا في تنظيم الذكاء الاصطناعي. لقد أكدت باستمرار على أهمية الأمم المتحدة في تعزيز التعاون الدولي وضمان أن الذكاء الاصطناعي يعود بالنفع على البشرية جمعاء. ومع ذلك، هناك مخاوف بشأن مدى فعالية الأمم المتحدة في تنفيذ وإنفاذ اللوائح المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، لا سيما في ظل غياب جدول زمني محدد لإنشاء هياكل الحوكمة هذه.
لتحقيق
تقدم حوكمة الذكاء الاصطناعي، من الضروري بذل جهد عالمي موحد. أنا ملتزم بتوفير
جميع الموارد المتاحة من خلال TAG.Global لدعم هذه القضية، حيث من الضروري تطوير نهج منسق للاستفادة الكاملة من إمكانيات الذكاء
الاصطناعي على مستوى العالم.
طلال أبوغزاله