ثورة البحث باستخدام الذكاء الاصطناعي – ما وراء "البحث على جوجل"

06 أكتوبر 2024

في الماضي غير البعيد، عندما كنا نواجه سؤالاً أو فضولاً، كان رد فعلنا الفوري هو "البحث عنه في جوجل". كنا نكتب بعض الكلمات المفتاحية في شريط البحث، نضغط على زر الإدخال، ونتصفح النتائج. ومع ذلك، فإن الزمن يتغير، وهناك ثورة قادمة تعد بإعادة تعريف كيفية سعينا للحصول على المعلومات على الإنترنت. الفعل "ابحث عنه في جوجل" يتحول الآن إلى "استخدم الذكاء الاصطناعي"، وهو ما يحمل تداعيات بعيدة المدى على عالم البحث على الإنترنت كما نعرفه.

تشات جي بي تي وكلود 3.5 هما محركا بحث مدعومان بالذكاء الاصطناعي مسببين العطل للوضع الراهن. على عكس المحركات السابقة التي كانت تعتمد على الكلمات المفتاحية، فإن هذه النماذج تفهم السياق والنوايا والتفاصيل الدقيقة. اسألهم سؤالاً، وسيكون الرد كأنهم منخرطين في محادثة. لا مزيد من الاستفسارات الجامدة؛ بل تفاعل طبيعي يوفر إجابات دقيقة على الفور.

تتطور الشبكة الدلالية، وهو حلم بشبكة حيث تفهم الآلات المحتوى، بفضل الذكاء الاصطناعي التوليدي(GenAI) بدلاً من الاعتماد فقط على الكلمات المفتاحية، يغوص الذكاء الاصطناعي التوليدي في مجموعة بيانات واسعة، مستوعبًا المعنى والسياق. لا يتعلق الأمر بمجرد العثور على صفحات ذات صلة؛ بل يتعلق بتقديم إجابات دقيقة، بدلاً من صفحات النتائج كما تفعل محركات البحث التقليدية، مفضلاً ثراء المحتوى بدلاً من الكلمات المفتاحية المتكررة.

وهنا تكمن المشكلة، فالذكاء الاصطناعي التوليدي يتعلم من كميات هائلة من البيانات، بما في ذلك المواد المحمية بحقوق الطبع والنشر. إنه مثل الطالب الذي يدرس من الكتب المدرسية، بعضها محمي بحقوق الطبع والنشر. مؤخرًا، ظهرت دعاوى قضائية تزعم انتهاكاً من قبل هذه الأنظمة، التي لم يكن بإمكانها معرفة الإجابات على الأسئلة لولا استخدامها نصوصاً محمية لتتعلم منها. يبقى التوازن الدقيق بين الابتكار وحقوق الملكية الفكرية تحديًا صعبًا للحفاظ عليه، وسؤال كيفية تعليم الذكاء الاصطناعي دون الوقوع في مجالات انتهاك حقوق الطبع والنشر يتصدر المشهد.

لسنوات عدة، تربعت شركة جوجل على عرش محركات البحث. وكان شعارها "ابحث على جوجل" يتردد عبر الفضاء الرقمي. ومع ذلك، فإن الذكاء الاصطناعي العام (GenAI) يطرق الباب ويتحدى هيمنة جوجل كأداة تسويقية، والتي بفضل الناس الذين "يبحثون عبر جوجل"، تولد مليارات الدولارات من إيرادات الإعلانات. ربما يكمن المستقبل في النماذج الهجينة، التي تجمع بين دقة الذكاء الاصطناعي وسهولة استخدام جوجل. وفي جميع الأحوال، يجب على عملاق البحث أن يتكيف بسرعة أو يخاطر بالاندثار في طيات التاريخ.

مع تزايد اعتمادنا على الذكاء الاصطناعي العام (GenAI) كمرجع رئيسي، يتضح أننا بحاجة إلى إشراف أكثر صرامة. يجب أن تحمي قوانين حقوق الملكية الفكرية المبدعين مع السماح للذكاء الاصطناعي بالازدهار، ويحتاج صناع السياسات إلى متابعة هذه التقنية بشكل مستمر مع تشريع يتسم بالتكيف والاطلاع الدقيق.

بصفتي المؤسس والرئيس التنفيذي لأكبر شركة للملكية الفكرية في العالم، AGIP، أقول إن هذا يجب أن يتم بطريقة حكيمة ومستنيرة لا تضر بالإبداع وحقوق الملكية. الإنترنت يتغير بسرعة، ونحن بحاجة إلى عقول لامعة تفهم هذه التكنولوجيا، وكيفية الاستفادة منها بالكامل، وأيضاً لمن يستطيع تطوير النظم البيئية الحيوية التي تحمي الجميع وتسمح لها بالازدهار.

لن أقول إن أيام "البحث على جوجل" قد ولت تمامًا. بل أقول إن أيام ابتكارات الذكاء الاصطناعي قد بدأت، ويجب على الشركات الكبرى في مجال التقنية أن تأخذ ذلك بعين الاعتبار وتتبناه بالكامل إذا أرادت الحفاظ على حصتها في السوق والبقاء على صلة بمستقبلنا الرقمي.