تسخير الذكاء الاصطناعي لبناء مدن مستدامة
05 مايو 2024
عمان-منصة طلال أبو غزالة للاعلام المعرفي
بينما نقف على أعتاب عصر جديد، من الواضح أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة بل عنصر أساسي في بناء مدن مستدامة قادرة على الصمود. وبصفتي شخصاً منخرطاً بعمق في تعزيز التحضر المستدام، فأنا أدعو بقوة إلى دمج الذكاء الاصطناعي في جميع جوانب التنمية الحضرية. كما إنه من واجبنا المشترك تبني هذه التقنيات لتشكيل مستقبل حيث لا توفر المدن مساحات معيشية فحسب بل وتزدهر بانسجام مع الطبيعة.
من خلال دوري كرئيس لاتحاد التحضر المستدام في نيويورك شهدت شخصيًا كيف أن للذكاء الاصطناعي القدرة على تحويل مسار مدننا. كونه يشكل حجر الأساس للتقدم المستدام، كما يقدم حلولًا مبتكرة للتصدي للتحديات المعقدة التي يطرحها التحضر وتغير المناخ.
مع أن المراكز الحضرية هي من ضرورات المجتمع الحديث، إلا أنها تواجه عقبات غير مسبوقة نتيجة للنمو الحضري السريع. فالذكاء الاصطناعي يقدم بصيص أمل من خلال تقديم أساليب أكثر ذكاءً وكفاءة في إدارة المدينة؛ من الشبكات النظيفة المتكاملة مع الذكاء الاصطناعي إلى الممارسات الزراعية الدقيقة، حيث يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل معالجتنا لقضايا الاستدامة. كما أنه يمكن المدن من تحسين استخدام الطاقة، وتقليل النفايات، وإدارة الموارد بشكل أفضل، كل ذلك مع دعم التوسع السكاني والحد من الضرر البيئي.
إن تهديد تغير المناخ الذي يلوح في الأفق يعرض كوكبنا للخطر، إلا اننا بوجود الذكاء الاصطناعي نمتلك حليفاً حاسماً في هذه المعركة.
ممن خلال استخدام الذكاء الاصطناعي في مراقبة وتنفيذ المبادرات البيئية، تستطيع المدن تعزيز قدرتها على التنبؤ بالكوارث والاستجابة لها، مما يقلل في نهاية المطاف من ضعف السكان الحضريين. وتلعب أدوات الذكاء الاصطناعي (مثل التحليل التنبؤي وإدارة الحوادث) دورًا حاسمًا في بناء أنظمة حضرية متماسكة يمكنها التكيف مع التحديات التي يثيرها التغير المناخي والصمود أمامها. يُنصح الراغبون في معرفة المزيد عن تأثير الذكاء الاصطناعي على عالمنا بقراءة كتابي "المستقبل الرقمي الحتمي".
فقد أحدث ظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي (Gen AI) ثورة في إمكانية الوصول إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي، مما مكن الأفراد والمؤسسات ذوي المستويات المتفاوتة من الخبرة الفنية من الاستفادة من إمكانيات الذكاء الاصطناعي. ويعمل الذكاء الاصطناعي التوليدي على تمكين الوصول إلى هذه التقنيات، مما يمكن جمهور أوسع من التفاعل مع الذكاء الاصطناعي، وتعزيز الابتكار ودفع التقدم للعديد من الصناعات.
يعد دمج الذكاء الاصطناعي في عمليات المدينة أمراً أساسياً للتغلب على تعقيدات الحياة الحضرية، وتيسير التخطيط الحضري المحسّن وعمليات صنع القرار. ويمكن من خلال قدرات تحليل بيانات الذكاء الاصطناعي، لكل جزء داخل المدينة - من إشارات المرور إلى أنظمة المياه - العمل بتناغم، مما يسهم في خلق بيئة حضرية مستدامة.
يسلط التأكيد على أهمية دمج مهمة اتحاد التحضر المستدام في المناقشات حول دور الذكاء الاصطناعي في التنمية الحضرية المستدامة، الضوء على المساهمات المهمة للاتحاد، الذي كان في طليعة الدعوة إلى التصميم المرن واستراتيجيات التخطيط المتقدمة. من خلال التفاعل مع القادة الفكريين العالميين، ومشاركة المعرفة، وتشجيع مشاركة الشباب في عمليات تطوير المدن، يستمر اتحاد التحضر المستدام في أداء دور حاسم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مع التركيز على تعزيز المدن الشاملة والآمنة والمتينة والمستدامة. من خلال تنظيم الفعاليات الدولية الهامة وتقديم التوصيات الأساسية التي تسهم في جدول أعمال الحكومات الدولية، يعمل اتحاد التحضر المستدام على تشكيل مستقبل التحضر.
ومن خلال تبني الإمكانيات التحويلية للذكاء الاصطناعي، يواصل اتحاد التحضر المستدام القيام بدور رائد في مكافحة تغير المناخ على نطاق دولي. وتهدف مبادراتها وشراكاتها المبتكرة إلى ضمان استدامة النمو الحضري للجميع من خلال تسخير قدرات الذكاء الاصطناعي لإنشاء مدن لا تدعم حياة الإنسان فحسب، بل تتعايش بانسجام مع الطبيعة، وهو أمر ضروري لاستدامة مستقبل كوكبنا.
طلال أبوغزاله