الهجرة والخلافات السياسية الداخلية في الولايات المتحدة الأمريكية
08 فبراير 2024عمان-منصة طلال أبو غزالة للاعلام المعرفي
أضحت قضية الهجرة غير الشرعية على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة نقطة للخلاف السياسي والاجتماعي والاقتصادي مع عواقب اشتعال محتملة تلوح في الأفق بشكل مشؤوم.
من المعروف أن الملايين من الناس يبحثون عن اللجوء، لأسباب لا يمكن حصرها مثل العنف، وعدم الاستقرار الاقتصادي، والاضطرابات السياسية في بلدانهم الأصلية، وأصبحت مسألة كيفية معالجة تدفق المهاجرين قوة استقطابية في المجتمع الأميركي ما يثير المخاوف من اندلاع حرب أهلية في الولايات المتحدة.
وقد اكتسبت هذه القضية أهمية إضافية على خلفية دعوة الرئيس السابق دونالد ترامب الأخيرة للولايات التي يقودها الجمهوريون لتشكيل جبهة جماعية في معالجة التحديات المتزايدة التي تفرضها الهجرة غير الشرعية على الحدود الجنوبية. وفي الحقيقة هذه ليست مجرد مناورة سياسية؛ بل رمز للانقسام الحزبي العميق الذي يتخلل المناقشات حول الهجرة.
ومع استمرار نفوذ ترامب في تشكيل جدول أعمال الحزب، فإن الاستجابة الجماعية من هذه الولايات تسلط الضوء على الهوة الأيديولوجية بين الجمهوريين والديمقراطيين حول كيفية التعامل مع التضاريس المعقدة للهجرة غير النظامية كما أنها تعكس شعورا أوسع داخل المعسكر الجمهوري، يتهم إدارة بايدن بالإهمال والفشل في تنفيذ تدابير فعالة لمراقبة الحدود.
وقد بلغ الخطاب المكثف المحيط بهذه الأزمة ذروتها بشكل ملحوظ عندما أعلن "غريغ أبوت"، حاكم ولاية تكساس، وهو من أشد المؤيدين لسياسات الهجرة الصارمة، استعداد ولايته للانخراط في صراع أهلي محتمل مع إدارة الرئيس جو بايدن، كرد مباشر على قرار المحكمة الفيدرالية بشأن إزالة الأسلاك الشائكة على طول الحدود بين تكساس والمكسيك، وهو القرار الذي رفضه الحاكم أبوت.
وأقول إن رفض أبوت الصريح لهذا القرار لا يعكس التزامه بموقف متشدد بشأن أمن الحدود فحسب، بل يسلط الضوء أيضًا على الاختلاف الأيديولوجي الأوسع بين نهج الولاية والتوجه الفيدرالي في إنفاذ قوانين الهجرة، لاسيما مع اتخاذ العديد من الولايات التي يقودها الجمهوريون تدابير استباقية منذ أشهر من خلال نشر أفراد من الحرس الوطني. وتهدف هذه الخطوة الاستباقية إلى معالجة التحديات المتصاعدة التي تفرضها الهجرة غير النظامية وتشير إلى تصميم جماعي على مواجهة هذه القضية بشكل مباشر.
كما يعكس قرار تعبئة الحرس الوطني شعورًا أوسع داخل هذه الولايات بأن الحكومة الفيدرالية، في ظل إدارة بايدن، فشلت في إدارة الوضع بشكل مناسب. ومع تصاعد التوترات أصبح نشر أفراد الحرس الوطني مظهرا ملموسا لأخذ الولايات زمام الأمور بأيديها.
إن عبارة "لا شيء مطروح على الطاولة" تعكس عمق الخلاف، وتؤكد على الافتقار إلى الإجماع والشعور المتزايد بالإلحاح بين الولايات بما قد يمهد الطريق لصراع طويل ومثير للجدل حول نهج البلاد في إدارة التحديات على طول حدودها الجنوبية، وهل أبلغ من تهديد غريغ أبوت بالانفصال عن الولايات المتحدة.
وأقول إنه في حين أن شرعية وعملية مثل هذه الخطوة لا تزال موضع شك كبير، فإن مجرد اقتراح حاكم ولاية تكساس، وهي واحدة من أكبر الولايات وأكثرها نفوذاً في الاتحاد، بالتفكير في الانفصال، يفتح بابا واسعا لأسئلة حاسمة حول مرونة الاتحاد الأمريكي، وتوازن القوى بين الولايات والحكومة الفيدرالية.
طلال أبوغزاله