المفكر العربي أبوغزاله.. أنا مواطن عربي صافي... في مقابلة "مثيرة"

06 فبراير 2024

المفكر العربي أبوغزاله.. أنا مواطن عربي صافي... في مقابلة "مثيرة"
مقاومة حتى النصر: أبوغزاله يؤكد تمسكه بحق الشعب الفلسطيني في التحرير

مرّة أخرى يعود المفكّر العربي، الدكتور طلال أبوغزاله، ليطلّ على جمهوره في مقابلة تلفزيونية تناول فيها تطورات المشهد السياسي والاقتصادي في فلسطين والاقليم والعالم برمّته، لكن الاطلالة هذه المرة كانت مختلف، فالمحاور هو الإعلامي اللبناني المخضرم طوني خليفة، والمنصة هي قناة المشهد التي تبثّ من دولة الإمارات العربية المتحدة، وقد اتسمت بـ"توتر عالي" حقّا كما هو اسم البرنامج..

وفي الشقّ السياسي، كان الحديث كلّه منصبّا على الحرب الكونية على قطاع غزة، والتي تمسّك الدكتور أبوغزاله بالقول إنها "ليست مجرّد معركة، بل هي بداية حرب التحرير"، مشددا على أن المنتصر في هذه الحرب حتى اللحظة هي "غزة" ومقاومتها، فالانتصار في هذه المحطة من الحرب يكمن بالصمود في وجه العدوّ الذي يستجدي العون والمساعدة من كلّ دول العالم.

أبوغزاله، أظهر في المقابلة حذاقة وثقة فريدة في كيفية تفادي الألغام التي حملتها بعض أسئلة المحاور، مستعينا في ذلك بحكمته وخبرته السياسية والقانونية والتاريخية وانتمائه الوطني والقومي.

وبينما حاول المحاور -طوني خليفة- استفزاز المفكّر العربي بالقول إنه من غير المعقول انخفاض معايير الانتصار إلى حدّ "اعتبار البقاء أحياء انتصارا بدلا من دحر الاحتلال"، كان أبوغزاله أكثر حكمة وواقعية وعقلانية، فالامكانيات بين الاحتلال والمقاومة متفاوتة إلى حدّ كبير، لكنّ الفلسطينيين بمقاومتهم الباسلة قادرون على انهاك هذا العدوّ والنّيل منه في النهاية كما يرى أبوغزاله الذي أعاد التأكيد على أن "هذه ليست مجرّد معركة، بل بداية حرب التحرير"، مستطردا "إن عقلي لا يمكنه تقبّل فكرة أن احتلالا يستمرّ إلى الأبد، بل أن التاريخ يؤكد أن كلّ احتلال مصيره الزوال".

وعن دعوى الإبادة الجماعية التي يواجهها الكيان الصهيوني في محكمة العدل الدولية والقول إن "الاحتلال لم يقتل أكثر من (5%) من أهل غزة"، أكد أبوغزاله أن على الجالسين في لاهاي أن يقتنعوا بوجود إبادة جماعية، فمعيار الإبادة مقرون بـ"النية" وليس بإبادة (100%) من أهل غزة، مشددا على أن نية الابادة حاضرة وواضحة في تصريحات المسؤولين الصهاينة الذين طالبوا مرارا إما بإلقاء قنبلة نووية أو قطع الماء والغذاء والدواء والكهرباء، وهذه كلها اثباتات يجب الأخذ بها، مشيرا إلى أن العدوّ قتل نحو (5%) فعلا من السكان بين شهيد ومفقود ومصاب اصابة بالغة فقد معها أطرافه، وإذا ما طبّقنا هذه النسبة على الولايات المتحدة فإننا نتحدث عن (17) مليون مواطن أمريكي.

ضحك أبوغزاله كثيرا لدى سؤال المحاور حول الدعوات الفلسطينية إلى "محاسبة حماس عن عملية طوفان الأقصى" بعد انتهاء الحرب على غزة، قائلا إن "هذا الكلام للتسلية"، ولدى اصرار المحاور على سؤاله، عاد المفكّر العربي ليضع الأمور في نصابها الحقيقي، فقال "نحن في حالة احتلال، وعندما يقاوم الشعب المحتلّ يكون قد قام بدور مشروع بموجب قوانين الأمم المتحدة، فمقاومة الاحتلال هي حقّ شرعي وقانوني وانساني وإلهي، فبموجب أي قانون ستتمّ محاسبة المقاومة؟".

الخبرة والحكمة واليقظة التي عُرفت عن الدكتور طلال أبوغزاله، أسعفته أيضا لدى محاولة المحاور حصره بين خيارين؛ إما أن يختار محمود عباس "أبو مازن" أو الناطق باسم كتائب القسام "أبو عبيدة"، فأجاب: "أنا أؤمن بالديمقراطية، فلا أنا ولا بايدن ولا أبو مازن نفسه يحقّ لنا اختيار شخص، الشعب الفلسطيني الذي دفع الكلفة من دمائه ودماء أبنائه هو الوحيد الذي يحقّ له الاختيار، وأنا واثق من أن الشعب سيختار الأفضل".

وفي اجابته على سؤال المحاور حول "وجود انتقادات لكون طلال أبوغزاله يتكلم من خارج الحدود، وما الذي يمنعه من الذهاب إلى فلسطين ليعيش مثله مثل أي فلسطيني"، أجاب أبوغزاله: "أنا أتمنى أن أكون في فلسطين، وشرف لي أن أكون مقاوما.. لكن هذا ليس السؤال، السؤال ما الذي تقدمه لفلسطين؟ أنا طرحت مؤخرا مشروعا مموّلا بالكامل يشمل تقديم مليون منحة مجانية لشهادة ماجستير في الثورة الرقمية لكل أهل فلسطين وأهل غزة.. وأول طالب اجتاز الامتحانات هو شاب من قطاع غزة. فأنا أؤمن ان الحرب ليست فقط حرب السلاح.. السلاح مهمّ وضروري ولا بدّ منه، فالتحرير لا يكون بالورود والشوكلاته، وروسيا قدمت (27) مليون قتيل ضد ألمانيا النازية.. والجزائر قدمت مليون شهيد.. أنا رسالتي ودوري أن أخدم الحضارة الفلسطينية والتقدم الفلسطيني".

وتابع أبوغزاله: "ابنتي قالت لي أريد أن أكون شهيدة، وقلت لها إن هذا شرف.. النضال والدفاع عن النفس لتحرير الوطن شرف، هذه ليست شعبوية، الناس في غزة الذين يقدمون أنفسهم وأبناءهم ليسوا شعبويين، الدفاع عن الوطن واجب شريف ووطني".

وأعاد أبوغزاله تأكيده على مبدأ حلّ الدولة الفلسطينية الواحدة التي يعيش تحت علمها الجميع، قائلا إن "حلّ الدوليتن أصبح مستحيلا في ظلّ احتلال 70% من الأراضي الفلسطينية وبناء مستعمرات في مختلف أنحاء فلسطين".

وحول انتمائه لمحور المقاومة، قال أبوغزاله: "أنا مواطن عربي صافي، ليس لدي ميول لمحور معين. هناك رغبة أمريكية أن لا تتوسع الحرب وتبقى محصورة في غزة، وأنا أتمنى ذلك لأن لدي ثقة بقدرة غزة على الانتصار، والمنتصر حتى اللحظة في الحرب هو الفلسطيني وغزة منتصرة".

ولأن مقابلة شخص بحجم الدكتور طلال أبوغزاله لا يمكن أن تمرّ دون التطرق للشقّ الاقتصادي وسؤاله عن تقديراته للوضع الاقتصادي، قال الاقتصادي العريق إن عام 2024 وبخلاف ما تشير إليه كلّ المنظمات والمؤسسات الاقتصادية والمالية، سيكون عاما صعبا اقتصاديا على كلّ العالم، كما أن توسّع الحرب على غزة سيجرّ العالم إلى كساد كبير.

وحول مصير الدولار والذهب، قال أبوغزاله إن "عملات العالم كلّها -باستثناء اليوان الصيني- محكومة بالدولار، أما الذهب فهو يُشترى بالدولار، أي أنه سلعة مرتبطة بسعر الدولار ولا يختلف عن أي سلعة".

وفيما يتعلق بالعملات الرقمية، أكد أبوغزاله أنه "لا توجد عملة رقمية حقيقية إلا في الصين، أما العملات الموجودة حاليا فهي ليست عملات، وقبل شهرين قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إن الوقت حان لنبحث مسألة وجود دولار أمريكي رقمي".

ورأى أبوغزاله أن الولايات المتحدة كما الكيان الصهيوني، فحتى مع الانتخابات الرئاسية القادمة، سواء فاز هذا الحزب أو ذاك، فإن أمريكا ستواجه صعوبات قد تصل إلى حرب أهلية، نحن وصلنا وضع يفوق الخلاف السياسي.

واختتم أبوغزاله المقابلة "المتوترة"، وهو توتر ايجابي، بالإجابة على سؤال المحاور حول أمواله في البنوك اللبنانية، مؤكدا أن "تلك الأموال بأمان، فهي لن تتبخر ومهما تنقّلت فإنها ستعود إلى مالكها الأصيل، وكذلك أموال جميع اللبنانيين".

احسان التميمي