في عيون المفكر طلال أبوغزاله: الكشف عن مفتاح تحرير فلسطين

31 يناير 2024

حسان الهامي

إن الشروع في المسار نحو فلسطين محررة لا يتطلب فهماً للواقع الحالي فحسب، بل يتطلب أيضاً رؤية واعية واستراتيجية لتوجيه مسار العمل، وفي مقابلته مع تلفزيون هلا لندن، يؤكد المفكر العربي الفلسطيني الدكتور طلال أبوغزاله أن هذه  الأمة ستنهض من جديد وأن فلسطين أقرب إلى التحرير منها إلى الاحتلال بفعل صمود أبناءها وتطلعهم إلى حقهم المشروع بمواجهة شاملة مع الاحتلال يعبر عنها فعل المقاومة

ويقول أبوغزاله إن النضال ضد الاحتلال سطر نفسه في نسيج الهوية الفلسطينية لأكثر من 75 عامًا، وتطور إلى قوة صامدة ترفض أن تنطفئ لان ملاذهم الوحيد هو المقاومة، ويوضح في هذا الصدد أنه لا يوجد شيء اسمه "اليوم التالي للحرب"، إلا في عقل الاحتلال المريض وسرديته القائمة على الأكاذيب والمبالغات.

 وخلف الأنقاض التي خلفها حقد الاحتلال في قطاع غزة يكمن واقع معقد يتطلب فهمًا دقيقًا، فهم يتجاوز الفصل بين المحتل والمحتل، والضحية والجاني، وصولا إلى تجذر فكرة المقاومة بمفهومها الإنساني الشامل أي التي تتجاوز التنظيم العسكري والقيادي وهذا يفسر كيف أن القطاع برمته أصبح مرادفا لحماس، كما يوضخ المفكر العربي.

ويتوقع المفكر أبوغزاله أن تصبح رواية غزة بمثابة دراسة حالة، ونسيج معقد سوف يقوم الاستراتيجيون العسكريون بتشريحه وتحليله لسنوات مقبلة وربما عقود، إذ حقق جنود كتائب القسام إنجازاً يتردد صداه في سجلات التاريخ العسكري، وهو إنجاز متأصل في عنصر المفاجأة وباستغلال غفلة الصهاينة المجرمين والمستوطنين المغتصبين، نظموا هجوما لم يذل خصومهم فحسب، بل ترك أيضًا علامة لا تمحى من العار الأبدي.

ويرى أن المقاومة الفلسطينية الباسلة أظهرت في طوفان الأقصى، براعة في مختلف الأبعاد: العسكرية والاستخباراتية، والتقنية، والإعلامية، والنفسية. إن مصطلح "طوفان الأقصى" في حد ذاته يلخص الطبيعة الكاسحة والقاسية للمقاومة، ويشبهها بقوة الطبيعة التي أعادت تشكيل المشهد، وفي الحقيقة لم يُظهر هذا النهج متعدد الأوجه قدرة المقاومة على التكيف والمرونة فحسب، بل كشف أيضًا عن التطور الاستراتيجي الذي فاجأ المحتلين.

ويقول إن طوفان الأقصى شكل نقطة تحول في الصراع ضد الكيان، ونقلة نوعية تجاوزت أدبيات الحرب التقليدية، حيث فرضت المقاومة فصلا جديد في قواعد اللعبة وتحدي المفاهيم التقليدية لديناميات القوة في المنطقة وتركت أثرًا دائمًا على السعي الفلسطيني لتحقيق العدالة وتقرير المصير.

ويدعو المفكر أبو غزاله لرؤية كيف يتكشف كل يوم يمر من العدوان الآثم منصة للدروس والرؤى العميقة، حيث أصبحت بوتقة الشدائد بمثابة قاعة دراسية مفتوحة رغم ما فيها من دماء طاهرة ودمار، وحيث يعلم سكان غزة بصمودهم العالم عن الروح التي لا تقهر في مواجهة الوحشية الصهيونية. 

ويقول أبو غزاله إن اللغز المحير الذي يواجه المجتمع العالمي، وخاصة جيش الاحتلال المسلح بأحدث التقنيات يكمن في المتاهة المعقدة من الأنفاق التي تمتد تحت سطح الأرض  بشكل استراتيجي بمنزلة شهادة على قدرة المقاومة على التكيف والمرونة لتؤكد الحقيقة الدائمة المتمثلة في أنه في مواجهة الطغيان والوحشية والضمير الميت، يمكن أن تكون البراعة والابتكار كمعادل قوي.

ويؤمن أبو غزاله أن تكلفة الحصول على الحرية باهظة، ويتجسد ذلك في تضحية الجزائر بمليون ونصف المليون شهيد في أقل من ثماني سنوات، وهو رقم مذهل نظراً لعدد سكانها بعد الاستقلال الذي لم يتجاوز ستة ملايين، ونحن كفلسطينيين، على استعداد لتقديم تضحيات مماثلة في السعي لتحقيق تطلعاتنا إلى الاستقلال، ويذهب إلى ابعد من ذلك حين يقول إنه يتطلع لابنته وحب عينه الحاصلة على درجة عملية من جامعة هارفرد تسلك درب الشهادة، بل ويبدي استعداده للامساك بيدها في هذ الدرب.