الليثيوم ضروري لمستقبل الطاقة المستدامة

17 ديسمبر 2023

عمان-منصة طلال أبو غزالة للاعلام المعرفي

يشكل الليثيوم عنصرا حيويا في صناعة بطاريات المستقبل، التي تعد ضرورية للانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون. ومع تزايد الطلب على الطاقة، تتزايد الحاجة إلى الليثيوم بشكل سريع. ويتوقع الخبراء أنه بحلول عام 2040، قد يرتفع هذا الطلب لأكثر من أربعين ضعفاً مقارنة بمستويات، مع وجود نقص عالمي في تزويد الليثيوم المكرر لتلبية الطلب.

أحد هذه التحديات يكمن في الموقع المهيمن للصين في صناعة تكرير الليثيوم. لقد استثمرت الصين في هذا القطاع على مدار عدة سنوات، ويمثل استثمارها حوالي 60% من الإمداد العالمي للمواد الكيميائية لليثيوم، حيث تنتج حوالي ثلاثة أرباع بطاريات (الليثيوم أيون) في جميع أنحاء العالم كما ذكرت الوكالة الدولية للطاقة (IEA). علاوة على ذلك، تسيطر الصين على جزء كبير من احتياطات الليثيوم العالمية من خلال الملكية المباشرة أو من خلال الشراكات الاستراتيجية مع دول أخرى. وهذا التركيز يشكل مخاطر على الدول الأخرى لأنه يخلق اعتمادا على دولة واحدة لمثل هذا المورد الحرج.  

إن هيمنة الصينيين على السوق تعطيهم ميزة تنافسية، حيت من المتوقع أن يشهد هذا القطاع نمواً سريعاً في المستقبل، ومع ذلك، هناك مخاوف من الدول الغربية بشأن تركيز قدرة التكرير في الصين، حيث تثير تساؤلات حول أمن الإمداد والمرونة.
ونظراً لهذه العوامل، هنالك حاجة إلى زيادة الاستثمار العالمي في تكرير الليثيوم. ويجب على المناطق التي تمتلك الليثيوم، مثل أمريكا الجنوبية وأستراليا وأفريقيا، التركيز على تطوير قدراتها وبنيتها التحتية الخاصة بالتكرير. وسيكون من المفيد أيضاً جذب الاستثمار ونقل التكنولوجيا لتوسيع سلسلة التوريد وخلق سوق ليثيوم أكثر توازناً وتنافسية. 

لا يمكن الاستهانة بأهمية معركة الليثيوم: حيث تفوقت الصين بالفعل في هذا المجال. يجب على بقية العالم بذل الجهود للحاق بالركب من خلال استثمار الموارد في هذه التكنولوجيا الحاسمة التي تلعب دوراً حيوياً في مستقبلنا الأخضر. وكما علمنا التاريخ، فإن الاعتماد على دولة واحدة للحصول على مورد يمكن ان يعرض التوفر والاستدامة للخطر. وتدعو أصوات مؤثرة مثل إيلون ماسك إلى بناء المزيد من القدرات خارج الصين لتخفيف مخاطر سلسلة توريد الليثيوم.

في ملاحظة أخرى، يجب أن نعترف بأن حرب الليثيوم تمتد إلى ما هو أبعد من الاقتصاد، لها لأيضاً اّثار واعتبارات تتعلق بالعدالة البيئية. إن استخراج ومعالجة الليثيوم لهما تأثيراتهما البيئية والاجتماعي، وخاصة في المناطق التي توجد بها في العالم. هذه الاّثار لها عواقب، بما في ذلك: استنفاذ المصادر المائية وتلوثها، وتدهور نوعية الأراضي، وفقدان التنوع البيولوجي، وانتهاكات حقوق الإنسان، والصراعات داخل المجتمع.

 على سبيل المثال، في مثلث الليثيوم المكون من الأرجنتين، بوليفيا، والتشيلي - والذي يضم أكثر من نصف احتياطيات الليثيوم في العالم-, تستهلك أنشطة التعدين كميات كبيرة من المياه في المناطق القاحلة والغنية بالملح. وهذا له تأثير كبير على المجتمعات المحلية والشعوب الأصلية التي تعتمد على هذه المصادر المائية في حياتها المعيشية. غالباً ما تتضمن عملية الاستخراج خلط المواد الكيميائية بالماء المستخدم لاستخراج الليثيوم، ثم يتم التخلص منها في أحواض التبخر التي تشكل خطر التلوث المرتبط بهذه البرك.

بالإضافة إلى ذلك، غالباً ما تسيطر الشركات الأجنبية على صناعة الليثيوم دون مشاركة فوائدها مع السكان المحليين، مما يؤدي الى إثارة مشاعر الاستياء وإثارة وتأجيج المقاومة. لذلك، فإن معالجة القضايا المتعلقة بإنتاج الليثيوم واستهلاكه تتجاوز مجرد تأمين مورد، حيث يشمل أيضاً ضمان الاستدامة والمساواة.

من أجل المعالجة الفعالة لهذه التحديات على المستوى العالمي، من الضروري الاستثمار في تقنيات تكرير متطورة لتجهيز الليثيوم مع اعتماد معايير بيئية واجتماعية أكثر صرامة للصناعة. علاوة على ذلك، يمكن أن يساهم تعزيز أنماط الاستخدام الفعالة مثل إعادة تدوير، وإعادة استخدام البطاريات في نهج أكثر استدامة تجاه استخدام الليثيوم. 

من المهم ان نتذكر انه بينما يتركز الاهتمام على حرب الليثيوم، يجب ألا نهمل أهمية البحث والابتكار في تقنيات البطاريات الأخرى. يمكن ان يساعد استكشاف خيارات أخرى مثل بطاريات يأيون الصوديوم أو زنك الهواء أو البطاريات الصلبة في تقليل اعتمادنا على الليثيوم وتوفير مجموعة من الحلول الميسورة التكلفة لهذا السوق المتنامي.

طلال أبوغزاله