أبوغزالة يُدلي بوجهة نظره عن الانتخابات الأمريكية القادمة في عام 2024، للمُحلل الأمريكي بروس ستروكس.
29 نوفمبر 2023عمان-منصة طلال أبو غزالة للاعلام المعرفي
تُعقَد الدورة الستين للانتخابات الرئاسية الأمريكية، في الخامس من نوفمبر من عام 2024. وتجري الانتخابات في ظل مواجهة الدولة لتحدياتٍ شتى، منها الاقتصادية والاجتماعية، ومنها ما يخص السياسة الخارجية. مما يُثقِلها بالصراعات والانقسامات. فشعبية الرئيس الحالي جو بايدن في تَدَنٍ، وتقف صُعوباتٌ شتى، بينه وبين التأييد الشعبي بشأن قضايا عِدة.
أمَّا دونالد ترامب، فيتَصَدَّر الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهورِيّ، بالرغم من مشاكله القانونية ومن تصرفاته المثيرة للجدل. إذْ يُحيط به مُؤيدون يرَونَ فيه ضحيةً للقمع السياسي، ورمزاً مدافعا عن القيم الأمريكية، باذلينَ له وفاءاً يُضاهي وفاء المرء لعقيدته. لكنه يُواجه هو الآخَرَ مُنافسةَ مرشحين جمهوريين آخرين، يُشككون في تحقيقه لأي إنجازات، مثلما يُشككون في جدارته للمنصب. بعد ما وُجِّهَ إليه مُؤخراً من اتهامات، جعلته سلفاً ومثلاً كأولِ رئيسٍ أمريكيٍ، تُوجه إليه تُهماً جنائية. في الوقت الذي يُخالِفهم فيه العديد من مُؤيديه الجمهوريين، في تقليل هذه المشاكل القانونية، من جدارته للمنصب.
ولقد أَظهَرَ استطلاع رأي أجراه "بيو ريسيرتش سنتر"، في شهر آب الجاري، أنَّ نسبة 23% فقط من الأمريكيين راضون عن أوضاع بلدهم، في حين لم تكن نسبة 76% المتبقية، راضية عن هذه الأوضاع. كما كشف الاستطلاع عن اختلافٍ حادٍ بين الديموقراطيين والجمهوريين، في إدراك طبيعة مشاكل البلاد وأولوياتها. فقد استشعرَ ما نسبته 56% من الجمهوريين، مواجهة الأمة الأمريكية لخطر الإنهيار. فيما لم تُجاوِز نسبة من استشعر الخطر نفسه من الديموقراطيين، نسبة 28%. وفي حين وَضعَتْ نسبة 83% من الديموقراطيين، قضية التعامُل مع التغير المناخي على رأس الأولويات، لم يُوافِقهم من الجمهوريين على ذلك، سوى نسبة 21% فقط. فالشعب الأمريكي مُنقسم انقساماً واضحاً إزاء العديد من القضايا، والاختلاف بينهم يزداد حدة، ولعل سبب التجافي بين رُؤىَ الناخبين، هو تفاوُت اطلاعهم على المعلومات.
ستعتمد نتيجة هذه الانتخابات، على أسلوب تعامُل المرشحين مع مزاج الناخب. وهو مزاج مُتشائم ومُتحيِّز ومُنقسم، تجاه العديد من القضايا. كما يشيع شعور عميق بين بعض الناخبين، وخاصة بين الجمهوريين منهم، بوجود تَرَدٍّ أخلاقيِّ وبانفلاتٍ في عِقْد الأمة. كما قد تؤثر عوامل خارجية على تلك الانتخابات، منها مثلاً الاقتصاد العالمي، والتوترات الجيوسياسية.
ثُم إنَّ نسبة 60% من الأمريكيين، ترى أن التضخم وتكاليف الرعاية الصحية والتَحَزُّب والمخدرات والسلاح، هي أخطر ما تُواجهه البلاد من مشاكل. فتلك قضايا رئيسية، سيُلقي التعامُل معها، ومع الصين كمنافس رئيسي للولايات المتحدة، ومع الحرب في أوكرانيا وتايوان، بظلاله على الحملات الانتخابية وعلى نتائجها.
وهكذا تُشكل الانتخابات الأمريكية في عام 2024، لحظة فارقة في مستقبل تلك البلاد والعالم. وسيتوجب على المرشحين التعامُل مع مخاوف وطموحات الشعب الأمريكي، ومع ما تُفرزه البيئة الدولية من تحدياتٍ وفرص. كما ستضع هذه الانتخابات معدن وجوهر الديموقراطية الأمريكية، موضع الاختبار. بعد أنْ تزلزلَتْ هذه الديموقراطية بفعل أحداث السنوات القليلة الماضية، بما فيها الجائحة الوبائية، والأزمة الإقتصادية، والاضطرابات الاجتماعية، وأعمال الشغب التي شهدها مبنى الكابيتول، ومُحاكمات الإقالة.
طلال أبوغزالة
-----
بروس ستروكس: المدير التنفيذي لترانس آتلانتيك تاسك فورس، وحاصل على الزمالة من الفئة العُليا من جيرمان مارشال فاند. وقد سبق له العمل مُديراً لإدارة تَوَجُّهات الاقتصاد الدولي، في بيو ريسيرتش سنتر بولاية واشنطن. كما سبق له العمل كاتباً للمقالات المتخصصة في الاقتصادات الدولية، في صحيفة ناشيونال جورنال، وهي صحيفة متخصصة في السياسة العامة مقرها بواشنطن. كما سبق له أيضاً الحصول على الزمالة من الفئة الأولى، من مجلس العلاقات الخارجية.