صراعات داخلية وتداعيات عالمية: تحديات إدارة بايدن في أعقاب العدوان الوحشي على غزة

28 نوفمبر 2023

عمان-منصة طلال أبو غزالة للاعلام المعرفي

تواجه إدارة الرئيس الأمريكي بايدن نتيجة العدوان الوحشي على قطاع غزة مشكلة الانقسامات الداخلية، خاصة الانقسام داخل اللجنة الوطنية الديمقراطية، والضغوط الخارجية التي تلقي بظلالها على البيت الأبيض، ما يشكل تهديدًا كبيرًا لموقف الإدارة قبيل الانتخابات الرئاسية المقبلة.

لا يعكس الانقسام في هذه اللجنة، وهي الهيئة الرسمية الحاكمة للحزب الديمقراطي، وهي محور استراتيجية بايدن الانتخابية خطوط الصدع الأيديولوجية الأوسع داخل الحزب الديمقراطي فحسب، بل يسلط الضوء أيضًا على التوازن الدقيق الذي يجب على الإدارة الحفاظ عليه لتأمين مستقبلها السياسي.

وبينما يراقب العالم خطوط المجزرة، تتردد التساؤلات حول استجابة الإدارة الأميركية ذات أهمية مركزية في الخطاب المحلي والدولي، حيث تمتد الآثار المترتبة على هذه الأزمة إلى ما هو أبعد من المخاوف الجيوسياسية، فتتشابك مع تعقيدات السياسة الأميركية بشكل مباشر.

وفي الحقيقة أشعل العدوان علي غزة عاصفة من الجدل داخل الولايات المتحدة، وكشف عن خطوط صدع عميقة في الرأي العام. وهذا ما أظهرته المظاهرات المؤيدة للقضية الفلسطينية في عدد من الولايات، وعلى أحد جانبي هذا النقاش هناك أولئك الذين يجادلون بأن البيت الأبيض يؤيد عدوانا وحشيا على الشعب الفلسطيني، مما يثير تساؤلات حول الأبعاد الأخلاقية لإدارة بايدن. وعلى الجانب الآخر، هناك مدافعون أقوياء يؤكدون أن الرئيس بايدن يتخذ موقفا واضحا أخلاقيا في حماية إسرائيل، مما يسلط الضوء على الطبيعة المعقدة للديناميكيات الجيوسياسية القائمة.

ولا يقتصر هذا الخطاب الاستقطابي على المجال العام، بل تغلغل في الأعمال الداخلية لإدارة بايدن، وزرع بذور الخلاف وعدم اليقين، كما تعكس الانقسامات الداخلية المزيد من الانقسامات الأيديولوجية الأوسع داخل الحزب الديمقراطي خاصة لدى في أجيال الشباب التي ترفض الدعم الأميركي غير المشروط للكيان الصهيوني المحتل، مما يزيد من تعقيد المشهد المعقد أصلا ضمن السياسة الأمريكية الداخلية.

وتأتي إحدى الأفكار الرئيسية من خلال مسؤول في اللجنة الوطنية الديمقراطية الذي يقارن بشكل مذهل بين حملة بايدن عام 2020 والوضع الراهن للإدارة، حيث كانت حملة 2020 تمثل معركة من أجل روح الأمة، بينما السيناريو الحالي يرسم صورة مختلفة - صورة تتصارع فيها الإدارة مع معركة من أجل روحها، وهذا التوصيف يكشف حجم التحولات الداخلية العميقة.

ومع بروز هذه الصراعات الداخلية إلى الواجهة، فإنها تلقي بظلالها على قدرة إدارة بايدن على تشكيل جبهة موحدة، على الصعيدين المحلي والدولي. فهذه النتيجة لن تشكل مسار السياسة الخارجية فقط، بل سيكون لها أيضًا آثار بعيدة المدى على انتخابات 2024 حيث يزن الناخبون استجابة الإدارة وبوصلتها الأخلاقية التي ضاعت في دخان القصف الوحشي على غزة.

لقد اتخذت تعقيدات الانقسامات الداخلية منعطفًا جديدًا مع استقالة جوش بول مدير الشؤون العامة والكونغرس في مكتب الشؤون السياسية والعسكرية بوزارة الخارجية الأمريكية، والذي يتعامل مع عمليات التسليح، حيث تضيف استقالته وحساسية وظيفته طبقة من التعقيد إلى بيئة مضطربة بالفعل، مما يؤثر بشكل كبير على صياغة وتنفيذ السياسة الخارجية للولايات المتحدة.

أثارت هذه الاستقالة سلسلة من التساؤلات حول موقف الإدارة واتجاهها فيما يتعلق بالأزمة المستمرة في الشرق الأوسط، وخاصة العدوان الوحشي على غزة، وتسلط الضوء على خطورة الصراعات الداخلية والانشقاق داخل الإدارة، حيث من المرجح أن يكون المسؤول المغادر قد لعب دورًا محوريًا في تشكيل نهج الولايات المتحدة في العلاقات الدولية.

ويثير هذا التطور مخاوف بشأن تماسك واستقرار الجهاز المشرف على السياسة الخارجية للإدارة الأمريكية، إذ أنه وبينما تتصارع الإدارة مع هذه التحديات الداخلية، أصبحت التداعيات الخارجية واضحة، حيث يراقب الحلفاء والخصوم والمجتمع العالمي الوضع عن كثب بحثًا عن إشارات تشير إلى حدوث تحول محتمل في أولويات السياسة الخارجية الأمريكية.

وفي شهادة أخرى على المعارضة الداخلية داخل إدارة الرئيس بايدن، أضاف 51 موظفًا أصواتهم إلى المعارضين لموقف الإدارة القلق من خلال التوقيع على عريضة تحث الرئيس بايدن على السعي بنشاط لوقف إطلاق النار في غزة في مشهد يعكس الضغوط المتزايدة على الرئيس لإعادة ضبط موقف الولايات المتحدة بشأن الأزمة.

وبينما تواجه الإدارة هذه التحديات، يصبح من الواضح على نحو متزايد أن المراجعة الشاملة للسياسات الخارجية والداخلية أمر حتمي، لا سيما ان ديناميكيات الصراع، إلى جانب الخلاف الداخلي، تتطلب إعادة تقييم استراتيجي لضمان استقرار الإدارة وإنجاز أهدافها في الفترة التي تسبق الانتخابات المقبلة.

طلال أبوغزالة