المواجهة بين الولايات المتحدة والصين

26 نوفمبر 2023

عمان-منصة طلال أبو غزالة للاعلام المعرفي

سبق أن حذرت أن الحرب بين الصين والولايات المتحدة تلوح في الأفق حيث يتأرجح التوازن العالمي ويتطلع منافس مكافئ للولايات المتحدة من حيث القوة العسكرية والاقتصادية إلى موقع القيادة العالمية. يوضح التاريخ أن التغيير في النظام العالمي يصبح مرجحًا عندما تنمو الدولة المعارضة تقنيًا واقتصاديًا وعسكريًا وتصبح متعطشة للهيمنة العالمية.

لطالما فرضت الولايات المتحدة على الصين عقوبات تكنولوجية واقتصادية في محاولة لوقف تقدمها، ومع ذلك لا تزال القوة الصينية تواصل التقدم، وتجد طرق مبتكرة لمواجهة الإجراءات الأمريكية، وبناء بيئتها الاقتصادية العالمية الخاصة حيث يمكنها مواصلة الازدهار. كما أنشأت الصين تحالفات مع دول معادية لأمريكا علانية استنادًا إلى قاعدة "أن عدو العدو هو صديق محتمل". ويمكن ملاحظة ذلك من خلال العلاقات القوية التي تربطها بروسيا والزيارة الرسمية الأخيرة التي قام بها رئيس مجلس الدولة الصيني إلى روسيا، والتي تهدف بوضوح إلى إظهار قوة العلاقة بين البلدين واستعدادهما لدعم بعضهما البعض. إن الصين هي منافس قوي وتريد أن تظهر قوتها أمام الجميع.

لقد تفاقم هذا الوضع بسبب ضعف الولايات المتحدة محليًا ودوليًا. فهي تواجه واحدة من أصعب الفترات في التاريخ الحديث، مع زيادة التضخم، ونظام مصرفي معقد، وزيادة الشعبوية، وزيادة الاستقطاب بين العامة الذي يقسم المشهد السياسي بطرق مثيرة للقلق للغاية. إن الجهود المبذولة للحد من صعود الصين اقتصاديًا وتكنولوجيًا وسياسيًا جارية بالفعل، حيث يُظهر التاريخ أن هذه الحروب الفرعية هي مقدمة لنزاع شامل. لا يمكن وجود دولتان تقودان العالم، ويتم التحرك الآن بشكل استراتيجي استعدادًا للمعركة.

ازدادت إمكانية المواجهة بين الولايات المتحدة والصين بدرجة كبيرة حيث أبلغت وزارة الدفاع الأمريكية الكونجرس في 15 مارس 2023 أن الجيش الأمريكي يجب أن يكون جاهزًا للمواجهة مع الصين. كما يحث البنتاغون الكونجرس على الموافقة على 842 مليار دولار لدعم وتحديث إمكانيات الجيش الأمريكي في ظل التهديد الصيني.

وفي خطابه أمام الكونجرس الأمريكي، قال الجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان المشتركة، "لأول مرة في تاريخ الأمة، تواجه الولايات المتحدة قوتين نوويتين رئيسيتين، تتنافس مصالحهما الأمنية الوطنية الحيوية مع الولايات المتحدة". وتابع قائلاً: "تصرفات الصين تدفعها على طريق المواجهة والصراع المحتمل مع جيرانها وربما الولايات المتحدة".

واستكمل حديثه: "الاستعداد للحرب والردع مكلف للغاية، لكنه ليس بنفس تكلفة خوض الحرب. وهذه الميزانية تمنع الحرب وتهيئنا لخوضها اذا لزم الامر ".

بدوره قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن الثالث للكونجرس "هذه ميزانية مدفوعة بالاستراتيجية، وأيضًا مدفوعة بجدية تنافسنا الاستراتيجي مع جمهورية الصين الشعبية". وشرح بالتفصيل كيف سيتم إنفاق الميزانية، بما في ذلك إنفاق 9 مليارات دولار لبناء القدرات العسكرية في المحيط الهادئ من أجل الدفاع عن الحلفاء.

تتسبب المواجهة العسكرية حتمًا بخسائر مأساوية جسيمة على الجانبين ولكنها تنتهي باتفاقيات بين أطراف الصراع مع ظهور نظام عالمي جديد تحكمه الولايات المتحدة والصين لتشكيل عالمنا المستقبلي.
طلال أبوغزاله