عيد الشكر… ومواسم الذبح في البيت الأبيض

22 نوفمبر 2023

في 4 تموز/يوليو 2023 احتفلت أمريكا بعيد ميلادها الـ 247، بعد أن حاربت ونالت استقلالها عن الإمبراطورية البريطانية العجوز عام 1776.

ويذكر المؤرخون أن أمريكا كانت في حالة حرب على مدى 229 عامًا من عمرها، مما يعني أن حالة السلم لم تدم إلا 22 عامًا فقط. بمعنى آخر، فإن العم سام (وهو فعلًا سام) حارب أكثر من 93 في المئة من عمره (اللامديد) وارتاح فقط 7 في المئة من السنين.. وبهذا فإن البيت الأبيض لم يكن منشغلًا في ذبح ديك الحبش التقليدي لأن ضحايا مذابح الحروب على يديه كانت بمثابة القرابين الدسمة للاحتفال بالعيد.

أعياد الميلاد

ففي الأيام القليلة المقبلة وموسم (عيد الشكر) على الأبواب وهو فاتحة أعياد الميلاد (الكريسماس) حتى رأس السنة. تبدأ التحضيرات والحركة المحمومة في كل اتجاه… تزاحم التزاحم، وتهافت التهافت!

تطفح المتاجر بالبشر يتسابقون لشراء الهدايا وموسيقى الأعياد تصدح في كل مكان… وتزدحم المطارات بالمسافرين في كل اتجاه وبالمحتفلين والمتلهفين للقاء الأهل والأحبة. وفي مخيلتهم “لمة العائلة” حول مائدة الاحتفال، يتصدرها (ديك الحبش) ويبدأ الأكل والشراب والهرج والمرج.

وهنا تبتدئ السياسة… ومن منطلق حضاري بحت، فإننا نميّز بين الشعب الأمريكي الطيب وبين قبائل الشر في البيت الأبيض. أقول “حضاري بحت” لأنني دومًا كنت أناقش طلابي واصفًا أمريكا بأنها لم تبلغ سن الرشد بعد وبكلمة أخرى فليس من مؤرخ في الكون يستطيع أن يتكلم عن شيء اسمه (الحضارة الأمريكية) ومن باب المناكفة والدعابة كنت أشرح لهم أن مسرح “البولشوي” العريق في موسكو هو أكبر سنًا وأكثر رشدًا من أمريكا الفتية!

وعودة ليوم عيد الشكر ابتدأ الاحتفال بهذا اليوم في عام 1621 (يوم الحصيد والبركات الأخرى) أو (مأدبة الحصيد) وللتذكير فإن المحتفلين الأوائل كانوا خليطا من المهاجرين البريطانيين والسكان الأصليين (الهنود الحمر) حتى عام 1863 عندما أعلن الرئيس الأمريكي حينها (إبراهام لينكولن) هذا اليوم (عيدًا وطنيًا) ولكن أحفاد السكان الأصليين اعتبروا الاحتفال بهذا العيد ما هو إلّا تغطية (قناع ) للمذابح التي مارسها المستعمرون البيض وراح ضحيتها الشعب كاملاً!

أهل الحضارات الأولى

أما نحن أهل الحضارات الأولى، وكتب الله الأولى، وأرض الله الأولى، فإن قدرنا هو أن نكون على رأس قائمة ضحايا عصابة الإجرام في البيت الأبيض ومذابح عيد الشكر.. ولا سبب لذلك إذ لا عداء بيننا وبين الشعب الأمريكي وذلك لإرضاء (شعب (غضب) الله المختار).

فاشربوا نخب الشكر واحتفلوا، واتخيل الرئيس (بايدن) قبل التهام (الديك القناع) يطل من نافذة (البيت الأسود).. ينظر في سماء واشنطن المتلبدة بالغيم الأسود وتدركه لحظة الشر ويحس بما تبقى له من إنسانية (إذا وجد) أن هذا العيد.. هو قناع حقًا!

فاشربوا واحتفلوا ولكن دماءنا هي سم زعاف في حلوقكم فتحضّروا لقادم الأعياد تحمل معها بشائر النهاية وكل عيد شكر يا زمرة البيت الأبيض.. تكون سوادًا عليكم وأنتم مندحرون تنوحون وتولولون وتلطمون.. أما أنت يا الرئيس (بائد) خذ قناعك واسحل في مجاري واشنطن ودع الشكر لأهل الشكر الذين يشكرون ويحمدون ويستجيرون “حسبي الله ونعم الوكيل” وإذا أصابتهم مصيبة قالوا “إنا لله وإنا إليه راجعون”.

فيكتور نصرالله سروجي