طلال أبوغزاله يقول .. الابداع والأسرة عندما يلتقيان
12 يوليو 2020د. مشيرة عنيزات
12-07-2020
إن عين المحب لا تجد عيوبًا فيمن تحب؛ فالأشياء الجميلة لا تتكرر مرتين. الجمال والحب أشياء صحية وجدت في القلوب التي تتأملها، والحياة ليست مضرة إنما الأشخاص هم المضرون أحيانًا؛ لأننا نحن من نسعد أنفسنا ونحن من نشقيها.
الحاج توفيق والسيدة أديبة، أسماء لم تعد غريبة على أحد؛ فهم مصدر إلهام دائمًا نجدهم حاضرين في حديث طلال أبوغزالة عن الجمال وعن النعمة وعن المعاناة، حتى أحسست أن والديه وطن سكنوا قلبه وروحه، وهل ينسى الإنسان وطنه؟ فيمكن أن ينسيه حديثه عن النجاح أي شيء إلا هذه الأسماء.
أذكر جيدًا حديثه عن الجاكيت الذي خاطته والدته "أديبة" من "الحرامات" التي وزعتها الأونروا على اللاجئين آنذاك، ويحتفظ بصورته وهو يرتدي هذا الجاكيت داخل مكتبه، وكنت دومًا أتساءل، أيا ترى لو خاطته امرأة غير أمّه بالطريقة نفسها ومن المصدر نفسه، كان سيذكر هذا الجاكيت ويضع صورته في مكتبه ويتحدث إلى العالم عنه؟
كيف يمكن لأي شخص كان، أن يتذكر تفاصيل أحاديثه وعلاقته بوالديه في طفولته "التي لم تكن عادية"، كما يذكرها، فتراه يحن إلى الكأس الذي شربت منه والدته، ويذكر جلساته مع الكبار بصحبة والده، ولا ينسى الخيط الذي كانت تنسج منه والدته ملابسا يستدفئ بها قلبه قبل جسده، ويتذكر الطعام الذي كانت تعده قبل خروجه إلى المدرسة، فيخيل لنا من حديثه أن لديهم حنانًا بحجم المحيطات، جعله قادرًا على تحويل كل نقمة في حياته إلى نعمة كما يقول.
يقول طلال أبوغزاله "لم يكن والدي ممن تلقوا تعليمًا رسميًّا ولم يكونوا ممن يقرؤون"، وهنا يكمن الجمال، لأنه بحديثه عنهما يثبت لنا أن الأمية ليست جهلا أو عيبًا، ولو كانت كذلك لما بعث فينا رسول الله، عليه السلام، أميًّا وهي له شرف!
كان يتحدث بحب وشغف كلما ذكروا له أسماءهم فنراه يشتاق لهم كمن يشتاق للوضوء من شدة تعلقه بالصلاة.
السيدة أديبة والحاج توفيق، ماذا بينكم وبين الله لتنجبوا طفلا كان كبيرا منذ صغره؟
حجز له مكانا في مجتمع الكبار في صغره وبلوغه!
ماذا فعلتم ليسخر الله لكم المحبين يذكرونكم بعد وفاتكم ويترحموا عليكم؟
ماذا فعلتم لتكونوا حاضرين في الكتب واللقاءات والمجلات بعد وفاتكم؟
لقد نال طفلكم في الصغر من المحن نصيبه، فقرّر أن يصنع لها جسرًا من العلم والعمل، وتجاوزها بفضلكم وبفضل طموحه ولكنه لم ينسها.
السيدة أديبة: نامي قريرة العين فلقد صنعت طفلا عظيمًا، أصّر على النجاح، فصنع ما كان مستحيلا، ويتحدث العالم عنه وعنك.
أما أنت أيها الحاج توفيق، فأنا أبشرك بأن ما زرعته في الحياة الدّنيا أزهر وأنبت نباتًا حسنًا، وما يكتبه القلم عنك اليوم ما هو إلا ثمار زرعت ناضجة أسقيتها قبل وفاتك وأشبعتها رويًا حتى وصل جذعها السماء.