الوَفَاءُ سِمَةُ الأَوْفِيَاء ” .. من مدرسة الغازية إلى مدرسة طلال أبوغزاله”

11 يونيو 2023

الوَفَاءُ سِمَةُ الأَوْفِيَاء ” .. من مدرسة الغازية إلى مدرسة طلال أبوغزاله”

بقلم: د.عماد علي الخطيب

كان لقرار وزير التربية والتعليم في لبنان إطلاق اسم رئيس ومؤسس مجموعة طلال أبوغزاله العالمية، الدكتور طلال أبوغزاله، على مدرسة الغازية الرسمية في الجنوب اللبناني، عدة معايير فاقت معيار التكريم التقليدي لمسيرة الدكتور الطويلة والمستمرة في صناعة المعرفة وخدمتها.

أما المعيار الأول: فتوصيفًا لحالة العشق التي تربط الدكتور طلال، مع لبنان؛ وهي وطن اللجوء الأول، والراعي الحقيقي لمسيرته العلمية. كيف لا؟ وهو لا يفتر يردّد عن هذا في أيّ محفل يُعنى بالمعرفة في العالم. “لقد كان للحظات التي دخل فيها إلى مدرسة الغازية، أثرها في نفوس كلّ من شاهده… ها هو يعود ابن الثمانين، ليستعيد أكثر من ستين عامًا مضت على وجوده في المكان الأغلى إلى قلبه” إنّه الوفاء للمكان والزمان وفضاء الحياة الأغلى إلى كلّ مَنْ كان له قلبٌ، أو ألقى السّمعَ وهو شَهيد.

وأما المعيار الثاني: فتجسيدًا لمعرفتنا عن حبّ الدكتور للقبه الأقرب إلى قلبه (عامل المعرفة)، وهو الذي أخذ على عاتقه إيصال المعرفة إلى كلّ بيت عربي؛ فِعلا – لا قَولا- فاختطّ خارطة طريق؛ لنقل صناعة الأجهزة الرّقميّة إلى عالمنا العربيّ، فافتتح مصنعَين، في مصر، والأردن، وما زال في خطّته افتتاح المزيد من المصانع، ولم يقف شأنه إلى هذا الحد، بل جهّز قاعات ومراكز؛ لبثّ المعرفة، مساهمة من لدنه في نقلها إلى مَنْ لم يجدوا لها سبيلا.

وأما المعيار الثالث: فإنّه الدكتور طلال، صاحب الحكمة الأكثر تداولا بين الناس، ويتناقل الناس عنه أقوالا أثرت وصارت مثلا، منها “أنّ الحبّ السلاح الأقوى لمجابهة أي نحد”، و “أنّه بالإرادة يمكن أنْ تتحوّل النّقمة إلى نعمة”، و”أن الأمانة تمهّد الطّريق نحو المجد”، و”أنّ السّعادة مفتاحها في دأب العمل”، و”أنّه لا معنى لأنْ تجتهد وألا تسمع ما يغيظك من الآخرين”، وأخيرًا لا آخرًا.. “أنّ إيصال المعرفة حقّ لكلّ إنسان”.

والآن نقف مع المعيار الرابع والأخير: وهو شهادة العالم كلّه على ريادة الدّكتور طلال في مجالات ذات تماس مباشر مع “صناعة المعرفة وتبّدلاتها عبر الأجيال”؛ فلقد كانت حياته الطويلة وما شهدتها من تقلبات كفيلة على ذلك، كما كان لشغفه في “السّباق نحو المستقبل” الأثرُ ذاته، ففي بداية الثمانينيات استثمر حضوره لندوة عن الرّقميّة – قبل تسميتها بهذا الاسم – في رئاسة مجالسها الدّوليّة، ونقل أدواتها إلى من أحبّهم وأحبّوه؛ لأنّه لا يعترف إلا بالفضل لهم – أعني العرب -، ويريد أنْ يبادلهم ذلك، فيكرّر على الدوام “أنّ سلاح العرب الأقوى لمجابهة العالم هو المعرفة، ولا شيء سواها”.

ومن ريادته يمكن أن نعد المجالات التالية: ريادته في “التّعلّم الرّقميّ”، و”قياس أدواته”، وريادته في “التّعلّم من أجل الابتكار”، و”تمكينه لأدواته”، وريادته في “تسجيل براءات الاختراع وأسماء المجال وتطبيق معايير الملكية الفكرية التي وسّع في شمولها لاختراعات شملت كافّة الشّؤون المعرفيّة والابتكاريّة، بدءًا من تأليف نصّ، وانتهاءً باختراع آلة، أو إنتاج دواء على سبيل المثال”، ويسجل العالم له في ذاكرته أنّه كان أوّل مَنْ كتب معايير المحاسبة وأوجد لها نظامًا مهنيًّا مرموقًا.

وبعد،

فيا أيتها الغازيّة، وأعني “المدرسة والأهل والمكان”،..

طوبى لاختيار رائد المعرفة وعاملها الدكتور طلال ليكون اسمك الجديد.

وهنيئا للمجلس البلدي في بلدة الغازية اللبنانية إذ صادقوا على اقتراح وزيرهم تسمية مدرسة “الغازيّة الرّسميّة” باسم “مدرسة الدكتور طلال أبوغزاله للابتكار”؛ فأوجدوا بذاك نواة لعمليات التّحوّل الرّقميّ والابتكار في مدارس لبنان الرّسميّة، وسواها من صروح التّعلّم والتّعليم هناك.