مِصْر.. أنموذج عَصْريّ لبناء مُستقبلِ التّحوّل الرّقميّ

11 يناير 2020 طلال أبوغزاله
عندما نطوف حول أي قضايا فكرية اقتصادية كانت، أو سياسية، أو تاريخية.. فذلك رغبة منا للحفاظ على   مستقبلنا.
وتغمرك السعادة.. وأنت ترى دولة عربية بحجم مصر ترسم لنفسها خطًّا على خارطة العالم؛ وكيف لها ألا تكون كذلك.. وهي توسم بصاحبة أقدم تاريخ مكتوب، ومثبت على وجه الأرض.. ولي معها ذكريات عديدة منها أنني على أرضها استلمت من الرئيس الصّيني (شي جن) شهادة تقدير بدعم العلاقات الصّينيّة العربيّة..
ونشهد في مصر مرحلة تحوّل حقيقية.. فأينما وليت وجهك تمعن النظر.. تتولاك قطاعات إنتاجية، ومشاهد حضارية زاخرة..
ومن تلك القطاعات الأكثر أهمية، والتي تشهد تحوّلا قلّ نظيره في مصر، قطاع التكنولوجيا، وإنني سعيد بهذا التّحوّل الذي يحصل الآن؛ لأن مصر تعني لي الكثير ليس فقط من الناحية العاطفية.. إذ إن جدّي كان يردّد مرارًا أننا قدمنا من مصر، بل على قلب كلّ عربي فهي التي تقود قاطرة الأمة العربية، واليوم نحن مع (الهيئة العربية للتّصنيع) نتجه معًا إلى حدث فريد من نوعه، ألا وهو إنتاج أول كمبيوتر عربي "عربي التصميم، وعربي التنفيذ" .. وبهذا نكون قد نافسنا أكبر منتجي العالم للأجهزة الرقمية وهم (أبل وسامسونج) اللذين يحكمان العالم الآن مع غيرهم من شركات الرّقميّة!
وزد على ذلك، فقد نفذ (صندوق تطوير التعليم) التابع لرئاسة الوزراء في مصر.. تطويرًا ملحوظًا حين أخذ على عاتقه "تحويل أهداف التعليم من مجرد حفظ إلى ساحات ابتكار"، فإنني أذكر أنني عندما تخرجت امتُحنت بما حفظته فقط، ولكن ما قيمة ما حفظته، وكم هو مقدار ما بقي معي منه!
لقد ألقيت خطابا في جامعة (هارفارد) وطلبتُ أن يسموا لي أستاذًا لديه معلومة، وليست موجودة لدى أي طالب؛ لأن المعلومات كلّها محمّلة على محيط المعرفة الأكبر "أجهزة الحواسيب".
وبهذا تؤشر بوصلة مصر العظيمة بسهمها العملاق إلى محورين مهمين؛ تضمن بهما استقلال مستقبل أبنائها، ورفاهيتهم.. وأعني بهما" صناعة التكنولوجيا والتعليم" اللذين هما قلب الإنسان النابض، وعقله المفكر اللذان لا يستغنى عنهما أي إنسان!
ومن أجل هذين المحورين طوّرنا في طلال أبوغزاله العالمية "أجهزة محمول حاسوبية" كي تصبح حقيبة مدرسيّة ذكية تخفّف على أبنائنا وبناتنا من الطلبة ثقل الأحمال.. فلا أريد لأبنائي وبناتي أن يعانوا ما عانيت وعانى منه جيلي "يوم كنا نمشي إلى المدرسة على أقدامنا يوميًّا ونحن نحمل (كيلوات) من الكتب!".
ومصر في عصر التحوّل الرّقميّ غير مصر قبله..
فالذي تشهده مصر، ونشهده معها هو ثورة حقيقية في التّعليم، وصناعة (التابلت) أو الكمبيوتر اللوحي.. وهذا ما لفت نظري وشجّعني كي أعطي هذا البلد الكريم الأولوية في برامجي؛ لأنني معجب بإستراتيجية بناء المستقبل فيه، بعيدًا عن فكرة تدليل المواطن ورشوته بإعطائه راحة، ومميزات على حساب مستقبل أولاده!
إن السّياسة التي تنتهجها القيادة في مصر تبعث الأمل في مستقبل مختلف للأمة من خلال رسم ملامح للحاضر، في التركيز على مستقبلي التعليم والصناعات الرقمية.. مع ما تعيه من أهمية بناء البنية التحتية لهذا.. فبناء المستقبل يستحق أن نتعب له في الحاضر.