الاسْتِقْلال.. المُناسَبَة الأغْلَى إلى قُلوبِنَا جَمِيْعًا طلال أبوغزاله: "عَلينا خَلْق جِيلٍ رَقميّ مسلّح بالأدوات الرّقميّة والمَعَارف"

02 يناير 2020
د.عماد الخطيب
لا تعادل أي مناسبة خلال العام، مناسبة "عيد الاستقلال": أهمية وانتشارًا بين الأردنيين..
وإننا إذ نحتفل بعيد استقلالنا السابع والستين في 2022 فإننا نفتخر بإنجازنا للمشروع الأهم من مشاريعنا الوطنيّة، ألا وهو (مشروع التّحوّل الرّقميّ) وإتمام مراحله مرحلة مرحلة.. وهو المشروع الآخذ بالانتشار والتّصاعد محليًّا وعالميًّا.
وفي استقلالنا ثمّة ما يغري.. للاستذكار والتمجيد: فإننا نستذكر فضل جلالة الملك على كلّ صغيرة قبل الكبيرة في وطننا، فهو (قائدنا) الذي وصلت شهرته العالميّة، وهو صاحب العقل الفذّ في بعث المنافسة بين مؤسسات الدّولة من خلال جوائزه العديدة في هذا المجال، وهو المخطّط للمستقبل، والحامي للحاضر، والمؤمّن لنا كي نسير وكلّنا ثقة بأنّه سيحمي مدّخراتنا ومشاريعنا واستثماراتنا.
ويعلمنا طلال أبوغزاله أن الإحصائيات تشير إلى سيطرة (التّقنيات الرّقميّة) على مختلف زوايا حياتنا؛ ممّا يجعلنا أسيرين لها بإرادتنا، أم بغيرها، وعلينا الإيمان بـأنّنا تجاوزنا مرحلة (الاختيار) إلى مرحلة (الإجبار) وأن لا مجال لدينا إلا بتطبيق (برمجيات التّحوّل الرقميّ)، وعلينا أن نتجاوز مرحلة (التّخطيط) إلى مرحلة (التّنفيذ).
ولقد أولى جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم عناية خاصة منذ تولّيه الحكم في المملكة الأردنية الهاشمية عناية بكلّ ما من شأنه أن يضمن للوطن السّير مع ركب (التّطوّر)، وهذا مهم؛ كي لا نظلّ خلف الرّكب.. فنحن في عصر لا يرحم، وليست المسألة في (اختراع آلة) قد تصلنا ونستفيد منها، ولو بعد حين، ولا في نظريات لتطوير صناعة ما، قد ندرسها، ونطوّر من خلال فهمنا لها لأنفسنا ما يلزمنا.
لا، الأمر مختلف!
فنحن أمام عالم يسير بالتّقنيات من إنتاج غذائه ودوائه إلى اختراع أشيائه وأدواته..
وليس هذا فقط، بل إنّ العالم اليوم يُبرمج حياته وفق ما تريد (آلة التّقنية) ووفق أدواتها وعناصرها، وبتنا نستمع إلى مصطلحات جديدة في حياتنا ما كان لها وجود، وصارت من قاموسنا اليوميّ، واستبدلنا تاريخًا لمصطلحات عاشت بيننا بمصطلحات استحدثتها أدوات التقنية الجديدة من بينها (الإيميل) بدلا من (الرّسالة) و(الواتس) بدلا من (الرسالة القصيرة) وغير ذلك.
ويعلمنا طلال أبوغزاله أن (الرّقميّة) تعيش بيننا بفضل الأدوات البرمجيّة التي ابتكرها العلماء، وساهمت بمساعدة أدوات (الذّكاء التّقنيّ) باختراق أشدّ خصوصيّات الفرد، واعتمدت عليها المؤسّسات اعتمادًا كبيرًا في تسيير شؤونها، وترتيب أوراقها.
فمَن كان يصدّق بأنّ (الورق) سيغدو اختراعًا بلا قيمة، في زمن (التّكنولوجيا)، ومَن كان يتوقّع احتفال العالم بإنهاء الحاجة لاختراعٍ ساهم آلافًا من السّنوات في (نقل المعرفة) من جيلٍ إلى جيل. وإنّ احتفالنا أمس باختراع الورق، شابهه احتفال اليوم بإنهاء الحاجة إليه!
وعلينا أن نستحضر الأولويات في عيد استقلالنا الأغلى..
وأن نرسم الخطوط العريضة لـ(خطة طريق) سير برامجنا، ونعيش مع التطوّر المذهل، وغير المسبوق، والأسرع في تاريخ البشريّة..
فما عاد مقبولا أن تكون معارفنا وما نقدّمه لأبنائنا بعمر عام واحد! لأنّ العام كفيل على تغيير مناهج ومسلّمات وتقديم نتائج وابتكارات بشكلٍ لم يشهد التّاريخ مثيلا.. فكلّ ما حَلُمَ به العلماء، أصبح واقعًا بين أيديهم!
وفي عيد استقلالنا نثمّن دور مليكنا في المحافظة على مكانتنا العالميّة، التي استقيناها من مكانة جلالته، وفي اهتمامه الملحوظ بتطوّر معارف أبنائنا، وفي دعوة مؤسّساتنا للاستفادة من التّقنيّة، ودورها في توفير الوقت، والسّرعة في الإنجاز، والدّقة في المُنتج، وسَبْق الغير.
وكثيرًا ما يسعى جلالة الملك حفظه الله إلى استقطاب (المعرفة) من أهم مصادرها العالميّة، وتزويد مدارسنا وجامعاتنا بها، وكما زوّدنا جلالته بالمعرفة الورقية، يزوّدنا بـ (المعرفة الرّقميّة)، التي لن تكتمل دائرة الاستفادة منها إلا بإعداد جيل قادر على التّماشي معها، وعلينا تدريب أبناء وطننا على ذلك، وتتلخّص أهداف المرحلة الرّقميّة القادمة في هدف أسمى هو (خلق جيلٍ رقميّ مزوّد بالأحدث من الأدوات الرّقميّة والأحدث من المَعَارف)؛ ليواكب زمانه، ويملأ مكانه.
وقد نحتاج إلى برامج تدريبيّة، وشهادات مهاريّة، تكون صبغتها (الرّقميّة)، وموجّهة إلى الجنسين، وإلى فئات الأطفال، والشّباب، إضافة إلى بثّ روح (التّحدّي) بين عقول أبنائنا لما يغذّي عقولهم، في كونهم الأكفأ، والأقدر على التّعلّم وحمل راية العلم والعلماء.
وأخيرًا..
ويعلمنا طلال أبوغزاله أن علينا في ذكرى استقلالنا أن ننتهي من تأسيس [لجان قيادة المستقبل الذّكيّ] وأن ننتهي من تأسيس (قواعد بياناتنا) وأن نؤمن بأنفسنا، وبقيادتنا، وأن نلتف حولها غير آبهين، ومقتنعين بقدراتنا، وقدرات قيادتنا، ومتجاوبين مع متطلّبات حياتنا القادمة الجديدة، داعمين لمنتجنا الوطني: من آلات أو شهادات أو دورات أو ما شابه، فَلَسْنَا أقلَّ من العالم في شيء.. وكل عام وأردنّنا بخير، ومليكنا وأهلنا وبألف خير.