الصّدى اللعين: ذكريات لا تنسى*
08 يناير 2022 د.عماد الخطيبهل كان في بال (طلال أبوغزاله) وهو يكتب (الصدى اللعين) أن الصدى (طائر خرافي يخرج من رأس المقتول وما يزال يقول اسقوني حتى يؤخذ في ثأره؟).
"كنت حينها أعيش مأساة احتلال بلدي فلسطين، ونبض فيّ حلمي الكبير بأمل العودة إلى أرضي، بعد خروجي منها وأهلي والناس أجمعين.."
اغتصبت الأرض، وتشرد شعب كامل وضاع الحاضر والمستقبل..
كتب الدكتور طلال أبوغزاله عام (1958م) هذه القصة استجابة إلى مسابقة على مستوى طلبة الجامعات، وفاز بها.. أعلن عنها المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية بالجمهورية العربية المتحدة "مصر" آنذاك)، وفازت القصّة، بجائزة 500 جنيه مصريّ، وكان مبلغًا كبيرًا بالنّسبة إلى لاجئ آنذاك ويعيش في الخمسينيات.
وقد صوّرت القصة المعنونة بـ(الصدى اللعين) "خيام البؤس" التي "عشنا فيها"، دون "أن يشع لنا بصيص أمل مهما كان ضئيلا في عودة فلسطين". فـ"كتبتُ من واقع الحال الذي عشته وعاشه أهل فلسطين".
جسّدت القصة حكاية حبّ (بين السّارد/القاص و"وفاء") ولكنها لم تكتمل؛ لأن ارتبطت بـ"عودة فلسطين"، يقول السارد/القاص: "إنها تظن أن لا حلم إلا الحب الصغير"، ويقول: "أفهمتُها أن لدي حلما آخر...حلمًا كبيرًا".
وفي القصة صدى حبيب، وآخر لعين:
ذكر السارد/القاص الصدى الحبيب إلى قلبه، وهو على الشاطئ؛ إذ سَمِعَهُ يردد: " سيتحقق الحلم... وفلسطين سوف تعود"، ولكنّ أحدًا من أسرة السارد/القاص لم يصدقه، بعد أن نقل إليهم ما سمعه، فأسرع إلى "وفاء" كي يبني حبّهما من جديد، قائلا لها: "وفاء... إن أحلام حبنا ستحقق!"، وانقلب تيار السّرد في القصة حين لم تُعِر "وفاء" لكلامه بالا قائلة: "حدثني أولا.. عن الثّورة المجيدة"، وفي هذا إشارة إلى انشغال الناس بما تصنعه الثورة العربية تجاه استرداد فلسطين وتحريرها.. وانتهت القصة.
جاءت كلمات القصة في مكانها الصحيح، ومنتقاة بعناية، مثل: "اغتصبت فلسطين"، و"فكفر والدي بكل شيء"، و"ناعيًا الأمة ومستقبلها"، و"كنا ننظر إلى خيام البؤس كمن يتحدى إرادتنا ويطعن كرامتنا"، و"كل خيمة نصبت .. كانت وصمة عار في جبيننا نحن.."/5
مثلت كل تلك العبارات حضور (الصدى اللعين) في ذاكرة البطل/ السارد في موازاة (الصدى الحبيب)؛ لأن لكل صدى وجهان، ويمكن للمتلقي أن يبصرهما.
ثم ختم السارد/القاص مشاهد القصّة بمشهد مختصر وهو يسمع "حشرجة الصدى اللعين"، مبتسمًا، متبادلا مع "وفاء" حديث الثّورة والحبّ، مؤمنًا بأن "الأمة كلها قد آمنت بالحلم الكبير، ولم يعد فيها من يشغله الحلم الصغير".
طلال توفيق أبوغزاله: الصدى اللعين)قصة قصيرة)، من منشورات مجموعة طلال أبوغزاله العالمية، وهي القصة الوحيدة التي كتبها الدكتور طلال في حياته، أطال الله بعمره، عام 1985م، والصفحات الواردة في المتن هي من القصة المشار إلى طباعتها.
طلال أبوغزاله: مواليد يافا/ فلسطين، 1938م، هجر من بلده ابن عشر سنوات، تربى على النضال والكرامة والعز، وكافح من أجل حياة كريمة، ووصل به المطاف إلى تأسيس وإدارة أكبر مجموعة عربية وعالمية تعنى بالإبداع والابتكار والأعمال والتصنيع والتدريب وصقل الكفاءات والمعرفة والتقنيات. إنها "مجموعة طلال أبوغزاله العالمية".