مشروع لتجنيب العالم الحرب

27 ديسمبر 2020

أولى المفكر العربي دكتور طلال أبو غزالة ؛ الصراع الصيني الأمريكي واحتمال تحوله إلى حرب عسكرية شاملة ـ أهمية بالغة في أكثر من حلقة من برنامجه العالم إلى أين على فضائية R T ، وأفرد  له في 12 تشرين ثاني 2020 حلقة خاصة، وجّه من خلالها رسالة مفتوحة لواشنطن وبكين للتسامح وتجنب وقوع حرب عالمية  !؟
واعتبر أبو غزالة أن نشوب حرب ؛ وارد بين العملاقين ، باعتبار حجم الخلافات الكبير بينهما ، وباعتبار أن الولايات المتحدة الأمريكية تمر في حالة من عدم الاستقرار فالحرائق تشتعل بين وفي المدن الأمريكية، والصراعات متشابكة ومختلفة بين القوات الإتحادية والقوات الولائية وبين المتظاهرين والمتطرفين، والاتهامات متبادلة ما قد يسهم في فلتان الأمور في أمريكا من عقالها ودخولها في حيز الشعبوية والانحيازات العميقة ، فضلاً عن أن الولايات المتحدة من الصعب أن تستوعب أو أن تقبل تقدم الصين إقتصادياً عليها .
ومن الممكن أن تتحول الحرب إلى عالمية ، فلكل من الدولتين العظميين حلفائها ، ومن الطبيعي أن ترفض الصين الصاعدة ؛ الإملاءات الأمريكية ألـ 14 عليها .. ومن هنا فقد يتحول الصراع على القمة بين خاسر لها ومتقدم إليها ؛ إلى حرب شاملة .. ستكون نتائجها وخيمة على العالم ..
وهنا يستنطق ابو غزالة التاريخ عندما توصلت الصين وأمريكا إلى اتفاق ، حيث أرسل الرئيس الأمريكي الأسبق ؛ أبراهام لينكولن ؛ إنسون برلنغام إلى الصين ،  الذي تمكن من عقد معاهدة سُمّيت باسمه (معاهدة برلنغام) ووقعها (أندرون جونسون)عام 1868، استناداً لمبدأ المساواة بين الأمم والتعامل بالمثل بين أمريكا والصين ، وعليه من الممكن التوصل إلى إتفاق يجنب العالم كوارث حرب عالمية .
واختار ابو غزالة يوم  16 نوفمبر يوم (معاهدة برلنغام) بين الصين وأمريكا ، الذي يعتبر يوم الأمم المتحدة للتسامح ، فضلاً عن كونه يوم تاريخي في العلاقات الأمريكية الصينية، مبيناً أن هذا التاريخ يصادف الذكرى العاشرة لانطلاق مؤسسة التحديات العالمية التي أسسها ابو غزالة في جنيف ويرأسها تقنيًا.

داعياً القيادة الأمريكية والشعب الأمريكي لتجديد دعمهم للأمم المتحدة ولجميع منظمات ومؤسسات ومعاهدات واتفاقيات العمل الدولي المشترك ؛ التي تراجع التزامهم بها.
وأقر أبو غزالة بأن الديمقراطية الأمريكية تحتضر الآن، ” بسبب التفكير الأناني والظلم الدولي ” ما شجع على قيام وانتشار ما يُسمى بـ (الشعبوية)، ولا يوجد حل سوى بالرجوع إليها وإلى قيم المساواة والتسامح والعدالة لتحقيق الازدهار في العالم ، وإخراس ما أسماه طبول الحرب واستبدالها بطبول الصداقة.\

واعتبر ابو غزالة أن تفشي وباء كورونا كان أحد أسباب هذا الانهيار والذي لن ينتهي إلا عن طريق القيام بمشروع أممي لكل دول العالم غربًا وشرقًا، جنوبًا وشمالًا، غنيًا وفقيرًا وبنفس القيم وبنفس الإحترام وبنفس الوقت.
وفي الوقت الذي عرض فيه للخروق العديدة في البناء والثوب الأمريكي ، أقر أبو غزالة بالتزام الصين بكل ما يمكن  الاتفاق عليه  من مبادئ الإحترام المتبادل .
وفي رسالته المفتوحة خاطب ابو غزالة ” أمريكا العظيمة” للعودة إلى روحها الحقيقية التي بُنيت عليها عظمتها ، ومد يد التعاون في يوم التسامح إلى الصين للجلوس معًا، فليس هنالك أحد يستطيع حل المشكلة بينهما ؛ غيرهما ، في حال  تحققت إرادة الحل بدلًا من الصراع .
وقال أن الرسالة التي يود إطلاقها هي رسالة محبة وتسامح وليست إنحيازاً لطرف أو لمصلحة أي دولة، فالتسامح يأتي دائمًا من الكبار.
وكشف أبو غزالة عن أنه سيظم مؤتمراً عالمياً يعلن فيه التفاصيل اللازمة لكي يكون متاحا لجميع القيادات العالمية ، يعرض فيه كيف تستطيع أمريكا أن تمد يدها كما استطاعت في عهد (أبراهام لينكولن) لتصبح في صداقة بدلًا من أن تكون في عداوة.. فمن حق الصين التي أصبحت التاجر والمصنع والإقتصاد الأكبر بحسب صندوق النقد الدولي أن نحيّيها وأن نتعامل معها من موقعها الكبير.
وهدف هذا المؤتمر بحسب أبي غزالة ، إقناع أمريكا والصين بالجلوس والاتفاق معًا لمنع وقوع الحرب بيننهما ، واشتعال شرارة حرب عالمية ، فعندما نتكلم عنهما ، نعني في آن حلفاء كل منهما ، فـ روسيا القوية حليفة الصين وبريطانيا حليفة أمريكا وأخريات، ، ما يستوجب وضع جدول اعمال يلبي رغبات الطرفين بشكل متوازن وغير استفزازي ، يضعه ( خبراء وحكماء من أصحاب الفِكر والضمائر والقلب والروح الإنسانية ) بعيداً عن التصريحات والمواقف السياسية العسكرية الإستفزازية ، التي تصعّب الجلوس والتحاور.
واقترح أبو غزالة إنشاء لجنة خبراء على مستوى غيرحكومي من غير صانعي القرار تضع جدول أعمال وتقدمه لصانعي القرار للجلوس والتحاور ، وقد يستغرق هذا الحوار أشهراً وربما سنوات، فمن الطبيعي أن يجلس الخصوم بعد الحرب للحوار أو عندما يصلا لحافتها .
وشدد أبو غزالة أنه سيطلق الرسالة المفتوحة قريبًا للطرفين الرئيسيين والجهات التي يرغب بدعوتها من الصين وأمريكا والجهات الأخرى ، وصولاً إلى اتفاق أمريكي – صيني.
منوهاً بأنه عندكا يلتقي ، الحكماء اللذين يعرفهم صانعوا القرار في كلتا الدولتين ويقدموا رؤيتهم المشتركة ، قد يستمعوا لهم ، وبذلك نكون قد حققنا الكثير ولذلك أقول أنه حتى لو كان الأمل 1% فهو يستحق المغامرة في سبيل مستقبل الإنسانية ومستقبل أمريكا والصين .