طلال أبوغزالة في حوار مع "الخليج":"ثورة الثروة" تقود المنطقة نحو ازدهار تاريخي

16 سبتمبر 2007

    الخليج 16/09/2007  
قال الخبير الاقتصادي العربي طلال أبوغزالة: إن المنطقة العربية مقبلة على ازدهار اقتصادي تاريخي تحركه فوائض مالية هائلة ستتدفق إلى المنطقة بفعل عوامل عديدة في مقدمتها ارتفاع سعر النفط ليتجاوز حاجز 100 دولار للبرميل في الوقت الذي تواجه فيه الأموال العربية قيوداً كبيرة على تحركاتها في الغرب، الأمر الذي أدى إلى نمو في الأموال في المنطقة يصل إلى حد “الثورة في الثروة”، داعياً إلى الاستعداد لهذه المرحلة على كافة الأصعدة وخصوصاً العمل على تطوير التعليم والتدريب لتأهيل القيادات والكوادر القادرة على الاستجابة لمتطلبات المرحلة المقبلة.
 
وأكد أن الإدارة السليمة للتنمية الاقتصادية في المرحلة المقبلة ستنقل المنطقة بأكملها إلى وضع مختلف جذرياً عما نراه الآن على الصعيد الاقتصادي، متوقعاً أن يستمر هذا الازدهار التاريخي لفترة 10 سنوات ابتداءً من العام ،2007 وألا يتأثر سلباً بعدم الاستقرار والحروب التي تشهدها المنطقة خلافاً للتصورات السائدة شريطة أن تتقن الدول العربية كيفية ادارة الاقتصاد في زمن الحرب والأوضاع غير المستقرة، معتبراً ان الإدارة السليمة كذلك يمكنها أن تحد كثيراً من التضخم الذي يحصل نتيجة النمو السريع مستفيدة من دروس التجربتين الصينية والهندية على هذا الصعيد.
 
واعتبر في حوار مع “الخليج” أن من الضروري أن تبدأ المؤسسات العربية بإجراء الدراسات حول المرحلة المقبلة ومتطلباتها وألا يكتفى على هذا الصعيد بالدراسات الدولية التي يحصر بعضها اهتمامه بالمنطقة بكيفية تطوير وتوسيع أسواقها وليس اقتصادها بكامله، داعياً المسؤولين العرب إلى رؤية متطلبات المرحلة المقبلة والتحرك لتأمينها، مؤكداً في هذا الصعيد ضرورة تفعيل دعوة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي إلى عقد قمة اقتصادية عربية، على أن تتولى هذه القمة دراسة كيفية التعامل مع مرحلة الازدهار الاقتصادي التاريخي المقبل.
 
ورأى ان تجربة الامارات تقدم دروساً مفيدة لكافة الدول العربية ولدولة الإمارات ذاتها بما في ذلك ضرورة الاستعداد المسبق للنمو الاقتصادي السريع، معتبراً أن الازدهار الذي تشهده دبي لا يزال في بداية الانطلاق إلى ازدهار أكبر بكثير مما رأيناه حتى الآن. وأكد ان مجموعة طلال ابوغزالة استعدت جيداً للمرحلة المقبلة ومنذ أكثر من خمس سنوات بحيث أصبحت تحقق الآن نمواً في اعمالها بنسبة 100% وتتصدر الأسواق العربية في معظم الأنشطة والخدمات التي تقدمها.
وفي ما يأتي نص الحوار:
 
 
دعوة محمد بن راشد إلى قمة اقتصادية عربية استشراف لطبيعة المرحلة
 
* كيف ترى مستقبل الاقتصاد العربي؟
 
" ندرك أننا مقبلون على مرحلة ازدهار لم يسبق لها مثيل في التاريخ تتضاءل أمامها ظاهرة الطفرة الاقتصادية التي شهدتها المنطقة في السبعينات"
 
- عندما نتحدث عن الآفاق المستقبلية للنمو والتطور الاقتصادي في المنطقة العربية علينا أن ندرك أننا مقبلون على مرحلة ازدهار لم يسبق لها مثيل في التاريخ تتضاءل أمامها ظاهرة الطفرة الاقتصادية التي شهدتها المنطقة في السبعينات لتصبح بالقياس إلى ما هو قادم من ازدهار في المنطقة مجرد مرحلة نمو عابرة، خصوصاً أن هذا الازدهار الاقتصادي التاريخي المقبل إلى المنطقة سيستمر لمدة 10 سنوات ابتداءً من العام ،2007 وأنا لا أقول هذا الكلام من فراغ بل هناك معطيات واضحة في مقدمتها أن سعر النفط سيرتفع ليتعدى حاجز 100 دولار للبرميل وذلك لأسباب عديدة أهمها ان مصلحة الولايات المتحدة تتحقق من خلال هذا الارتفاع في اسعار النفط لأن تكلفة انتاج النفط لديها مرتفعة وبالتالي تصبح الجدوى الاقتصادى لهذا الانتاج افضل مع ارتفاع الأسعار، خصوصاً أنهم متجهون الآن إلى تحول في استخدام النفط ليصبح في الدرجة الأساس مادة أولية للصناعة ولا سيما صناعة الأدوية، وهو ما يتيح المجال لارتفاع أسعاره لأن هذا هو أفضل استخدام للنفط من حيث الجدوى الاقتصادية بدلاً من استخدامه الحالي كمصدر للطاقة والذي يعد أسوأ استخدام له اقتصادياً ويدفع لتداوله بالأسعار الحالية التي تجعله عملياً وبالمقارنة مع كافة المنتجات الأخرى في العالم من أرخص المنتجات سعراً، ولذلك سنشهد ارتفاعاً في سعره مع تحوله المستمر للاستخدام في الصناعة بدلاً من التعامل معه كمصدر للطاقة حيث ستحل مصادر الطاقة البديلة تدريجياً لتصبح الأكثر استخداماً على هذا الصعيد.
 
 
والواقع ان الاطراف التي لها مصلحة في ارتفاع أسعار النفط لا تقتصر على الولايات المتحدة الأمريكية فحسب، فإضافة الى الدول المنتجة والمصدرة للنفط حالياً هناك قوى دولية أخرى لها مصلحة في ذلك وفي مقدمتها روسيا التي سيتيح لها ارتفاع سعر النفط ليتعدى 100 دولار للبرميل فرصة التحول إلى إحدى الدول الأساسية المصدرة للنفط علماً بأنها حالياً من أهم الدول المنتجة، فضلاً عن أن الشركات النفطية العالمية تضاعف عوائدها من ارتفاع الأسعار كما أن الدخل من الضرائب على المنتجات النفطية في الدول التي تفرض هذه الضرائب سيرتفع كثيراً باعتباره يجبى كنسبة من اسعار هذه المنتجات، وفي المحصلة فإن مصالح كل هذه الأطراف بالإضافة إلى العوامل المتعلقة بزيادة الطلب ستدفع إلى تجاوز البرميل حاجز 100 دولار وفي حال حصلت أزمات كبرى في مناطق الانتاج فإن السعر سيتجاوز هذا الحاجز كثيراً.
 
وبكل تأكيد فإن هذا السيناريو سيدفع بالفوائض المالية في منطقتنا إلى مستويات قياسية لا سابق لها في كل دول العالم، وذلك في لحظة تاريخية تواجه فيها استثماراتنا العربية في الخارج قيوداً عديدة لا سيما القيود التي وضعتها الولايات المتحدة على تحرك الأموال العربية، وهذا سيجعل نسبة كبيرة من فوائضنا المالية تتدفق للاستثمار في منطقتنا، خصوصاً أن هناك الآن توجهات جديدة في تقييد حركة الاستثمار عالمياً تتمثل في النظام الذي تضعه البنوك المركزية في الدول المتقدمة للحد من دخول الاستثمارات الحكومية للدول وقيامها بعمليات تملك استراتيجية في دول أخرى وفي هذا السياق تأتي التحركات التي شهدناها مؤخراً لوضع العقبات أمام استثمار دبي في بعض القطاعات الاستراتيجية عالمياً، وتعزز هذا التحرك اتفاقية يجرى بحثها الآن على مستوى مجموعة الدول الثماني الكبرى لضبط تحرك الاستثمارات الحكومية، بعدما أظهرت الدراسات ان حجم هذه الاستثمارات سيصل في غضون 5 سنوات إلى 17 تريليون دولار علماً بأن الدخل القومي الأمريكي هو بحدود 10 تريليونات دولار، ولذلك هناك تخوف من ان تسيطر دول على دول أخرى عبر الاستثمارات الحكومية.
 
* ولكن كيف سيستفيد الاقتصاد العربي من كل هذه التطورات؟
-  الواقع ان هذه التطورات هي في مصلحتنا تماماً، لأن فوائضنا المالية الهائلة التي ستتدفق إلى منطقتنا الآن ستجعلنا نعيش ما اطلق عليه شخصياً مرحلة “الثورة في الثروة” فالثروات المقبلة إلينا إذا تم توظيفها اقتصادياً بكفاءة ستجعلنا نعيش في ثورة تنموية ستغير وجه المنطقة، لأنه عملياً لا توجد بدائل كثيرة لتوظيف هذه الثروات، ففي جميع الأحوال ستجد الحكومات نفسها أمام ضرورة استثمار هذه الأموال في مشاريع تنموية وكذلك العمل على تطوير الخدمات وتنمية الثروة البشرية من خلال تأهيل مواطنيها وتحسين كفاءتهم العلمية والعملية، وهذا ما نلمسه فعلياً فالميزانية السعودية الأخيرة خصصت للتعليم والتدريب 100 مليار ريال من أصل 400 مليار ريال اجمالي الميزانية أي نسبة 25% من الميزانية للتعليم، وهذه نسبة قياسية على المستوى العالمي، كذلك جاء اطلاق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي مؤسسته للتنمية الانسانية والتي رصد لها عشرة مليارات دولار في سياق استشراف سموه لطبيعة المرحلة المقبلة في الاقتصاد العربي وحرصه على تأهيل جيل من القيادات والكوادر العربية القادرة على الاضطلاع بمهام هذه المرحلة.
 
وأرى أن الاستفادة من تدفق الفوائض المالية الى المنطقة لن يقتصر على الدول النفطية بل سيتحرك جزء مهم من هذه الفوائض للاستثمار في الدول العربية غير النفطية وخصوصاً في ظل ضعف البدائل المتاحة أمام هذه الاستثمارات، ولكن علينا أن نكون جاهزين لهذه المرحلة في تطوير التعليم والتدريب جانب أساسي من الاستعدادات التي ينبغي ان نطلقها لتلبية متطلبات المرحلة المقبلة، لكن هناك جوانب أخرى مهمة جداً في مقدمتها تطوير البنية التحتية القادرة على الاستجابة لهذه المرحلة من النمو التاريخي، خصوصاً أننا لا نزال في حاجة كبيرة لتطوير البنية التحتية في دولنا مقارنة بالدول الغربية، فدخل النفط بأكمله ولسنوات طويلة مقبلة يمكن ان تستوعبه كلياً إقامة شبكة طرق في الدول العربية بمستوى شبكة الطرق الموجودة لدى الدول الغربية، ولذلك لا توجد أعذار لأي دولة من دولنا على هذا الصعيد بما في ذلك العذر الدائم لبعض الحكومات حول صعوبة الحصول على التمويل اللازم لمشروعات البنية التحتية، فمع هذا المستوى من الثروات في المنطقة سيصبح متاحاً توفير وسائل وأدوات التمويل للحكومات عموماً لأن العائد من استثمار جزء من هذه الثروات في الأدوات المالية الدولية ليس كبيراً وبالتالي يمكن الحصول من الحكومات التي تحتاج إلى هذه الأموال على نفس العائد، كما أن من المتاح للحكومات أن تمول مشاريع البنية التحتية عبر فرض رسوم على استخدام كل مرافق البنية التحتية بلا استثناء من الطرق والجسور الى الموانئ الى المطارات الى بقية المرافق.
 
* ولكن هل نحن مستعدون فعلاً لهذه المرحلة؟
- مع الأسف لا توجد حتى الآن اية جهة عربية قامت بإعداد دراسة عن المرحلة المقبلة وتحديد ما هو مطلوب للاستفادة من هذه الثروات في تطوير المنطقة العربية، والدراسات الموجودة على هذا الصعيد هي دراسات دولية قامت بها بعض المؤسسات الاقتصادية العالمية مثل دراسة برنامج الأمم المتحدة الانمائي، وهي في الواقع دراسة مملوءة بالمغالطات لأنها تقوم على فكرة أساسية خاطئة هي أن النسبة المرتفعة لأعداد الشباب من اجمالي السكان في المنطقة تشكل عبئاً تنموياً كبيراً، والواقع معاكس لذلك تماماً فالشباب ثروة أساسية يعول عليها لتحقيق التنمية الاقتصادية إذا كانت هناك رؤية مستقبلية واضحة لدور الشباب وكيفية تأهيلهم للقيام بقيادة عملية التنمية.
 
والواقع أننا نحتاج في الاستعداد للمرحلة المقبلة ليس فقط إلى الدراسات التي تستشرف هذه المرحلة وتحدد المطلوب من أجل الاستجابة لمستلزماتها، لكننا بحاجة إلى تفعيل دعوة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي لعقد قمة اقتصادية عربية تخصص للبحث في الشؤون الاقتصادية على صعيد دولنا العربية، إننا بحاجة حقيقية إلى انعقاد هذه القمة لتبحث في موضوع اساسي هو الاستفادة بأقصى درجة ممكنة من المرحلة المقبلة في المنطقة مرحلة “الثورة في الثروة”.
 
* ألا تخشى أن يؤدي هذا النمو السريع الى زيادة كبيرة في معدلات التضخم؟
 
" ربط التضخم بالنمو أبطلتها الآن تجارب الصين والهند فهما تحققان نسب نمو تصل إلى 10% ومع ذلك لم يرتفع التضخم بنسب كبيرة "
 
- هذه النظرية الاقتصادية التي تربط التضخم بالنمو أبطلتها الآن تجارب الصين والهند فهما تحققان نسب نمو تصل إلى 10% ومع ذلك لم يرتفع التضخم بنسب كبيرة، والسر في ذلك يكمن في حسن إدارة التنمية والازدهار الاقتصادي، الإدارة عامل حاسم في الوصول إلى الأهداف الاقتصادية الكبرى بأقل التكاليف وهنا تظهر المهارات والقدرات فإذا لم يتم توظيف الثروات في إحداث تنمية حقيقية قد نواجه احتمال حدوث طفرات غير محسوبة ومضاربات في بعض القطاعات ترفع معدلات التضخم بما في ذلك احتمال حدوث ما يعرف بالفقاعة في عدة قطاعات مثل العقار والأسهم، كل الاحتمالات تبقى واردة، والنجاح يعتمد في المحصلة على حسن الإدارة.
 
 
*  وما الذي يجعلك متفائلاً بالسيناريو الذي تطرحه فيما تعتبر السيناريو الثاني مجرد احتمال؟
-  كل الاحتمالات واردة، لكن ما أراه ان الفرص الكبيرة التي نحن مقبلون عليها ستخلق حافزاً للتغيير، لأنه من غير الممكن تجاهل هذه الفرص، فما هو قادم مختلف تماماً عما عايشناه في المنطقة حتى الآن، ولذلك لابد لقطاعات الاعمال العربية وللمؤسسات ورجال الأعمال العرب ان يكونوا جاهزين لهذه المرحلة بكل امكاناتهم لكي يستطيعوا الاستفادة منها وبالتالي القيام بدورهم في قيادة عملية التنمية الى أفضل درجة ممكنة.
 
*  ألا تتعارض هذه الصورة المشرقة التي ترسمها مع حالة عدم الاستقرار والحروب التي تشهدها المنطقة؟
- هذه الفكرة السائدة لدينا بأن الحروب والأزمات توقف عملية التنمية والتطوير الاقتصادي ليست صحيحة مطلقاً، وهي وهم يجب أن نتخلص منه تماماً لأن معظم الدول في العالم حققت الازدهار خلال الحروب وأهم الاختراعات ظهرت لخدمة الحرب وتحولت للاستخدام المدني، التنمية عملية مستمرة سواء في السلم أو في الحرب، وهناك بالتالي ادارة للاقتصاد أثناء الحرب لها قوانينها وطرقها وأساليبها كما هو الحال في إدارة الاقتصاد خلال مراحل السلم، وحتى في تجارب المنطقة وبالرغم من كل ما يقال عن تأثير الحروب في التنمية فيها فالواقع ان المناطق التي شهدت حروباً عاشت في كثير من الأحيان الازدهار الاقتصادي خلال هذه الحروب، وهناك عوامل كثيرة تدفع بهذا الاتجاه فالدول تكون مضطرة ان ترفع الانفاق الاقتصادي خلال الحروب لتؤمن لمواطنيها الاحتياجات الأساسية من أجل المحافظة على الاستقرار الداخلي خلال مرحلة الحرب، كما ان مصالح الدول الكبري في منطقتنا تدفعها للمحافظة على نمو أسواقنا في الحرب وفي السلم، لأن اهتمامها الأساسي في منطقتنا بالإضافة إلى قضايا الطاقة هو السوق الاستهلاكي الهائل الموجود لدينا والذي يشكل أحد أهم المنافذ العالمية لمنتجاتها، لذلك فإن من مصلحتها دعم القوة الشرائية في دولنا بدليل ان التقارير الدولية يتركز اهتمامها على اقتصادنا كسوق ينبغي تطويره وزيادة امكاناته باستمرار، ومن هنا فسيكون هناك دائماً ازدهار في المنطقة جنباً إلى جنب مع الحروب وعدم الاستقرار.
 
*  كيف ترى تجربة الإمارات على الصعيد الاقتصادي؟
-  تجربة الإمارات تقدم دروساً ينبغي ان تستفيد منها كل دول المنطقة بما في ذلك دولة الإمارات نفسها، فلدينا هنا حالة شبيهة لما اتوقعه على صعيد المنطقة مستقبلاً من نمو سريع وقوي يتجاوز جميع التصورات وبالتالي قد نفاجأ بتطورات في عملية التنمية لم نخطط لها، والمثال على ذلك في تجربة الإمارات إذ كان النمو سريعاً جداً في السنوات الأخيرة بحيث تجاوز قدرة شبكة الطرق في بعض الإمارات والمناطق على الاستيعاب لأنه تجاوز جميع التصورات ولم يكن متاحاً التخطيط له مسبقاً، وهذا الوضع الذي نشأ على صعيد مشكلة الطرق والأزمات المرورية يؤثر سلباً في انتاجية الأفراد وبالتالي في عملية التنمية، لكن الجوانب الايجابية في المقابل كثيرة جداً في مقدمتها الحرية والانفتاح الاقتصادي والتجاري والتسهيلات الكبيرة المقدمة لقطاع الأعمال، وكذلك الريادة في دخول العصر الإلكتروني على صعيد الخدمات فهناك خدمات الكترونية في الإمارات مثل الحجز الإلكتروني لتذاكر السفر وإنجاز معاملات الدخول إلى الدولة الكترونياً لا تجدها في أكثر الدول تقدماً بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية.
 
وفي إطار الرؤية المستقبلية التي اتحدث عنها فإن تجربة دبي وكما يؤكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي لا تزال وبرغم كل ما حققته من انجازات أثارت اعجاب العالم في مرحلة يمكن تشبيهها بلحظة الإقلاع في رحلات الطيران والانطلاقة التي أمامها لا تزال أكبر كثيراً من كل الانجازات التي رأيناها، وأنا هنا لا أستبعد أبداً ان نستطيع في الدول العربية ومن ضمنها الإمارات الوصول إلى مراحل متقدمة جداً في التطور الاقتصادي نسبق فيها بعض الدول الكبرى، قد يستغرب البعض هذا الكلام لكن بالنسبة لي لدي ثقة كبيرة بإمكانياتنا العربية وتاريخنا يقول إننا كنا في مرحلة معينة نسبق كل هذه الدول التي يعتبرونها الآن متقدمة جداً.
 
*  إلى أي مدى نجحت مجموعة طلال أبوغزالة في الاستفادة من النمو الذي تشهده المنطقة؟
-  لقد تحركنا في المجموعة مبكراً للاستفادة من هذه الرؤية المسبقة للنمو الذي نشهده الآن، وهكذا بدأنا نعمل منذ 5 سنوات على الأقل لتجهيز انفسنا لهذه المرحلة ابتداءً من توظيف واعداد كادر الموظفين لدينا وتطوير إمكاناتهم كمهنيين محترفين لتلبية احتياجات المنطقة من الخدمات المهنية خلال المرحلة المقبلة وأصبح لدينا الآن 1500 موظف مؤهل يعملون في شبكة مكاتبنا المنتشرة عالمياً والتي يصل عددها إلى 60 مكتباً، ومروراً بتطوير هذه المكاتب ذاتها من حيث التصميم الداخلي بحيث تصبح قادرة على تلبية احتياجاتنا بأفضل طريقة ممكنة، وصولاً إلى تطوير انظمتنا الإدارية والتشغيلية وفقاً لأفضل المعايير الدولية، وقد تمكنا بفعل هذا التحضير المسبق للمرحلة الحالية والتي يليها من الوصول إلى تحقيق نمو بنسبة 100% في أعمالنا على صعيد المنطقة عموماً وفي كافة مجالات نشاطنا، وهذه نسبة قياسية من النمو في قطاع الخدمات المهنية يتيحها النمو الذي تشهده المنطقة من جهة وقدرتنا على تطوير عملنا لمواكبة هذا النمو من جهة أخرى.
 
وفي اطار الشركات التي تشملها المجموعة فقد أصبح لدينا أكبر شركة لحماية الملكية الفكرية في العالم.
 
ونحن في المركز الأول عربياً من حيث حجم الأعمال لبقية شركات المجموعة ابتداءً من الشركة القانونية التي تضم 140 محامياً وتتخصص بالقضايا الاقتصادية والتجارية مروراً بشركة تدقيق الحسابات التي تعد الأكبر على مستوى المنطقة العربية مجتمعة حيث نتفوق فيها على الشركات العالمية الخمس الكبرى في مجال تدقيق الحسابات، وكذلك في مؤسستنا للاستشارات التي تعد أيضاً الأكبر في المنطقة، وصولاً إلى شركتنا للترجمة التي تترجم 20 ألف صفحة شهرياً جميعها في المجالات الاقتصادية والتجارية وقد افتتحنا مكتباً جديداً لها في الشارقة مؤخراً، كما نتصدر المنطقة كذلك في مجال تكنولوجيا المعلومات من خلال شركتنا المتخصصة في هذا المجال والتي تقدم خدمات تطوير الحكومات الالكترونية والتعليم والتدريب وقد أنشأنا مؤخراً شركة متخصصة في تقييم الأسماء التجارية لتقديم خدمة أساسية تفتقدها المنطقة، الأمر الذي يمنع احياناً تقييم الشركات بطريقة سليمة لأن قيمة الأسم التجاري قد تكون في بعض الحالات اكبر من قيمة الشركة نفسها، بالإضافة إلى تأسيس الهيئة العربية لفحص الأنظمة التعليمية والتي تعمل كهيئة مستقلة من أجل تقييم انظمة التعليم في المؤسسات التعليمية العربية، واهميتها تكمن في استقلاليتها التي تعطيها الحياد لكي تكون قادرة على اعطاء تقييم موضوعي لأنظمة التعليم، وقد وقعنا مؤخراً كذلك اتفاقية مع جامعة دبي للتعاون في مجالات التعليم والتدريب حيث سنقدم من خلال الاتفاقية خدماتنا في هذه المجالات لمجتمع الإمارات.
 
*  لماذا لم تطرح المجموعة حتى الآن جزءاً من رأسمالها للمساهمة العامة؟
-  المؤسسات المهنية عموماً لا تدار من خلال شركات مساهمة عامة لأن المهن بطبيعتها خدمات محترفة يتحمل مقدموها المسؤولية عنها تجاه الجهات التي تستفيد منها، ولذلك ينبغي ان تكون الملكية في المؤسسات المهنية لمهنيين محترفين حتى يكونوا قادرين على تحمل مسؤولية المهنة التي يقدمونها، وهذا ينطبق على كافة المهن من المحاسبة الى المحاماة الى الاستشارات الهندسية وصولاً إلى كافة الخدمات المهنية، وبالتالي فالشركات العالمية الخمس الكبرى في مجال المحاسبة ليست مساهمة عامة.
 
وعلى صعيد مجموعة طلال أبوغزالة فهي ليست شركة عائلية ولكنها مؤسسة تقوم الملكية فيها على أساس المشاركة في الأرباح مع كافة مكاتب المجموعة، ولدينا خطط الآن لطرح أسهم للاكتتاب من قبل العاملين في المؤسسة فقط باعتبارهم مهنيين محترفين وبالتالي يمكنهم تملك هذه الأسهم وتحتسب لهم الأرباح عنها طوال فترة عملهم مع المؤسسة وعندما يتركونها نشتري منهم هذه الأسهم بالأسعار التي دفعوها عند شرائهم لها مضافة لها الأرباح التي استحقوها عنها.
 
أنشطة المجموعة ومكاتبها
                                  
تعمل مجموعة طلال أبوغزالة في مجالات المحاسبة والاستشارات الإدارية والتدريب والملكية الفكرية والخدمات القانونية وتقنية المعلومات وبناء القدرات ومعلومات الائتمان والترجمة القانونية، وهي تابعة لسجل البنك الدولي للمحاسبين والمدققين (واشنطن) وفي مركز الأمم المتحدة للشركات متعددة الجنسيات (نيويورك)، وتنتشر مكاتبها في الشرق الأوسط وشمال افريقيا، ولديها مكاتب تمثيلية في أوروبا وآسيا وأمريكا الشمالية.
 
وقد تم تأسيس مكاتب المجموعة لتقدم خدماتها إلى الدول العربية والشركات الأجنبية المهتمة بالعمل في هذه المنطقة، وهي تعمل كشركة دولية متعددة اللغات وتضم مجموعات من المهنيين المؤهلين لتقديم هذا العدد من الخدمات المتنوعة.