أبوغزاله أول من تنبأ بالقدرة التحويلة للانترنت قبل ان يصبح جزء لا يتجزأ من الحياة اليومية

22 يوليو 2024

عقود من الابتكار: رحلة طلال أبوغزاله في دعم التكنولوجيا والتعلم الرقمي

قبل ستة عقود، آمن المفكر العربي الدكتور طلال أبوغزاله أن الحاسوب سيكون له تأثير كبير على جميع مناحي الحياة، هذا الاستبصار كان بداية رحلة ستجعله شخصية محورية في عالم التكنولوجيا والتعليم الرقمي.
ففي عام 1965، عندما كان مفهوم "معالج النصوص" لا يزال في مراحله الأولى، أدرك أبوغزاله أن هذا الابتكار سيحدث ثورة وأن  عليه التأهب للتغيرات الكبيرة التي سيشهدها العالم فاقترض المال لحضور دورة تدريبية في شركة IBM في المملكة المتحدة، حيث شهد الخطوات الأولى للحوسبة من خلال آلة ضخمة تُستخدم لإدخال البيانات وطباعتها، وحينها علق على ذلك، بالقول: "هذا اختراع عظيم، لكنه ليس النهاية، إنه البداية".
وهذا التصريح جسد إيمان أبوغزاله بأن مجال الحوسبة الناشئ كان مجرد بداية لمزيد من الابتكارات العظيمة إذ كانت قدرته على استباق التوجهات التكنولوجية المستقبلية مذهلة، فكان يتابع التطورات في التكنولوجيا عن كثب، ويفهم أن هذه التقدمات ستعيد تشكيل الصناعات والمجتمعات. وتحت قيادته للجنة تقنية المعلومات والاتصالات في غرفة التجارة الدولية أظهر التزامه بدفع التقدم التكنولوجي.
وخلال هذه الفترة، وجه دعوة إلى  إيرا ماجازينر، خبير سياسة الإنترنت بالبيت الأبيض  لحضور اجتماع اللجنة، وتأكيد ماجازينر على أن مكتبه كان مجاورًا لمكتب الرئيس الأميركي أبرز الأهمية الاستراتيجية للإنترنت، وهو إدراك عزز تركيز أبوغزاله على هذه التكنولوجيا الثورية.
وبالفعل تنبأ أبوغزاله بالقوة التحويلية للإنترنت قبل أن يصبح جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية، فقد فهم أن الإنترنت سيغير العالم بشكل جذري، كما تأثر بشدة بتشبيه بيل غيتس للإنترنت بالجهاز العصبي في جسم الإنسان، مما عزز إيمانه بالدور المحوري للإنترنت في المستقبل حيث كانت رئاسته للجنة تقنية المعلومات والاتصالات في الأمم المتحدة والتحالف العالمي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتنمية فرصة للتأثير في تطور هذه التكنلوجيا.
ومع إيمان راسخ بإمكانات هذه الابتكار في تعزيز التنمية البشرية، كرس الدكتور طلال أبوغزاله حياته لتعزيز التعليم الرقمي، لاسيما أنه رأى أن التعليم هو المفتاح لتحرير وبناء الأمم، فركز جهوده على رفع مستوى المعرفة، واستخدام التكنولوجيا للخير العام، حيث كان يؤمن بأن كل خطوة نحو التقدم التكنولوجي تعزز من مكانة العرب على الساحة العالمية، وحقا كانت رؤيته تتجسد في أن التعليم والتكنولوجيا يعملان يدًا بيد لدفع التقدم والابتكار.

وتميزت رحلة الدكتور أبوغزاله بتفكير مستنير وإرادة لا تتزعزع حتى أصبح أيقونة للعطاء والإبداع، مؤمنًا دائمًا بأن النجاح يتحقق من خلال المثابرة والعزم، إذ أن كل عقبة واجهها رأى فيها فرصة للتقدم والتميز، بل أنه رأى ويرى في كل محنة منحة.
ويمكن القول إن مساهمات أبوغزاله خير دليل على الاستشراف والتأثير الذي يمكن أن يحدثه فرد واحد في تشكيل مستقبل التكنولوجيا والتعليم، فرؤيته المبكرة بإمكانات الحاسوب والإنترنت وضعه على مسار قاد إلى مساهمات كبيرة في مجالات التكنولوجيا والتعليم، كما أن قدرته على استباق الابتكارات المستقبلية، إلى جانب تفانيه في دفع التنمية الإنسانية جعلته شخصية محورية في الثورة التكنولوجية.
وإلى اليوم، تستمر جهود أبو غزاله في الإلهام وغراس القدوات المؤمنة حقا أن بالمثابرة والعزم كفيلتان بجعل العالم مكانا آفضل.

بقلم: احسان القاسم