الذكاء الاصطناعي يعيد هيكلة سوق الوظائف بقطاع التقنية
13 يونيو 2024 لسنوات عدة، كان يُنظر إلى الحصول على شهادة في علوم الكمبيوتر بوصفه سبيلاً لتحقيق النجاح، بفضل وفرة الوظائف ذات الأجور العالية في شركات التكنولوجيا الكبرى. والعام الماضي، تجاوز متوسط راتب الوظائف في قطاع الكمبيوتر وتكنولوجيا المعلومات 104 آلاف دولار، وهو أعلى بكثير من المتوسط الوطني البالغ 48 ألفاً.ودفعت جاذبية الراتب المبدئي المكون من 6 أرقام، بالإضافة إلى الامتيازات الأخرى، مثل الوجبات المجانية وخيارات الأسهم، الطلبة للإقبال على التسجيل في هذا المجال. لذلك، خلال السنوات الخمس الماضية وحدها، ارتفع عدد الطلبة الجامعيين المتخصصين في علوم الكمبيوتر وتكنولوجيا المعلومات بالولايات المتحدة بنسبة 43 %، ليقارب 629 ألف طالب؛ وفقاً لبيانات المركز الوطني لأبحاث تبادل معلومات الطلبة.
وعلى النقيض من ذلك، تراجع عدد الطلبة المتخصصين في اللغة الإنجليزية والأدب بنحو الخمس إلى أقل من 108 آلاف، كما انخفضت تخصصات التاريخ بنسبة 15 % إلى نحو 71 ألفاً و900. لكن في الوقت الراهن، تُهدد الإجراءات الصارمة لخفّض التكاليف في قطاع التكنولوجيا والتقدم في الذكاء الاصطناعي بعرقلة طفرة التعليم في مجال الكمبيوتر.
كانت شركات التكنولوجيا أعلنت عن تخفيضات في الوظائف بلغ مجموعها أكثر من 89 ألفاً حتى الآن خلال العام الجاري؛ وفقاً لمنصة «لاي أوفس.إف واي آي»، وهو موقع يجمع بيانات حول تسريح العمالة داخل القطاع، يضاف ذلك إلى تخفيضات خلال عام 2023 تجاوزت 263 ألف وظيفة. ونتيجة لذلك، يواجه جيل من الطلبة المتخصصين في علوم الكمبيوتر والبيانات، الذين قضوا سنوات في تحضير أنفسهم لمسارات مهنية في كبرى شركات التكنولوجيا، صعوبة في دخول هذا المجال.
لكن الوضع ليس بهذا القدر من الكآبة. إذ لا يزال ثمّة طلب كبير على مطوري البرمجيات ومهندسي الكمبيوتر. فجميع الصناعات تقريباً، بداية من البنوك إلى مقدمي خدمات الرعاية الصحية وتجار التجزئة التقليديين، تواصل أنشطتها الاستثمارية. على سبيل المثال، رفع بنك جيه بي مورغان موازنة تكنولوجيا المعلومات إلى 17 مليار دولار هذا العام، مقارنة بـ 15 مليار دولار في العام الماضي.
وفيما يتوقع مكتب إحصاءات العمل تراجعاً بنسبة 11 % في عدد فرص العمل لمبرمجي الكمبيوتر خلال عامي 2022 و2032، بسبب «الأتمتة»، فإنه يرى في الوقت نفسه نمواً سريعاً في إجمالي فرص العمل بقطاع الكمبيوتر وتكنولوجيا المعلومات، بما يتجاوز المتوسط في جميع المهن. ورغم أن الذكاء الاصطناعي التوليدي قد يسهل عملية البرمجة، لكن العالم سيظل بحاجة إلى مهارات البرمجة لتوجيه أو تصحيح عمل روبوتات الدردشة.
وتتمثل إحدى النتائج غير المتوقعة لنهضة الذكاء الاصطناعي في إحياء الطلب على مجال تعليم الفنون المتحررة. ويعني ميل الذكاء الاصطناعي إلى ارتكاب أخطاء أو الهلوسة زيادة الطلب على مهندسي التلقين، فهم مسؤولون عن تحديد أفضل طريقة لصياغة الأسئلة عند التفاعل مع الأنظمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، ويتطلب ذلك أشخاصاً يتمتعون بمهارات لغوية وقدرات إبداعية قوية. وعلى غرار التقنيات السابقة، يخلق الذكاء الاصطناعي مهاماً جديدة، إلى جانب إعادة هيكلة الوظائف القديمة.