الذكاء الاصطناعي سيخلق فرص عمل كثيرة

04 يناير 2024

عمان-منصة طلال أبو غزالة للاعلام المعرفي

مع أن الذكاء الاصطناعي (ProPro) بلا شك هو أحد أقوى التقنيات وأكثرها ثورية في عصرنا، إلا أنه يثير أيضاً بعص التساؤلات الخطيرة حول مستقبل العمل والمجتمع. أحد أكثر المخاوف شيوعاً بشأن الذكاء الاصطناعي هو أنه قد يحل محل العاملين من البشر ويخلق بطالة جماعية. هذا الخوف يستند إلى افتراض وجود قدر ثابت من العمل الذي يتعين إنجازه في الاقتصاد، وأنه إذا تمكنت الآلات من القيام ببعضه بشكل أسرع وأرخص من البشر، فسيؤدي ذلك إلى تقليص فرص عمل البشر.

الحقيقة هي أن الاقتصادات ديناميكية وتتطور باستمرار. لذلك فإن التغيير التكنولوجي لا يدمر الوظائف بل يخلق وظائف جديدة أيضاً. على سبيل المثال، عندما استبدلت الثورة الصناعية العديد من العمال بالآلات، فإنها خلقت أيضاً وظائف جديدة في المصانع والسكك الحديدية والمناجم وغيرها من القطاعات. وبالمثل، عندما حلت أجهزة الكمبيوتر محل العديد من العمال المكتبيين في القرن العشرين، فإنها خلقت أيضاً وظائف جديدة في البرمجيات والتمويل والإعلام وغيرها من القطاعات.

ينطبق نفس هذا المنطق على الذكاء الاصطناعي، فعلى الرغم من أن الذكاء الاصطناعي قد يقوم بأتمتة بعض المهام التي يقوم بها البشر، إلا أنه سيخلق أيضاً مهاماً جديدة تتطلب مشاركة بشرية، مثل تصميم أنظمة الذكاء الاصطناعي وبرمجتها والإشراف عليها وصيانتها وتحسينها. كما سيخلق قطاعات وصناعات جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي، مثل تحليل البيانات والتكنولوجيا الحيوية والروبوتات والأمن السيبراني والمزيد. وفقاً لتقرير صادر عن جولدمان ساكس، يمكن أن يحل الذكاء الاصطناعي محل ما يعال ثلاثمائة مليون وظيفة بدوام كامل حلول عام 2030, ولكنه قد يخلق أربعمائة مليون وظيفة جديدة في نفس الفترة.

علاوة على ذلك، لا يؤثر التغير التكنولوجي على عرض العمالة فقط، بل يؤثر على الطلب أيضاً. مع زيادة كفاءة الآلات وإنتاجيتها، فإنها تخفض تكلفة السلع والخدمات، مما يزيد من القوة الشرائية للمستهلكين. وهذا بدوره يحفز الطلب على السلع والخدمات، مما يخلق المزيد من فرص العمل للعمال. على سبيل المثال، عندما حلت السيارات محل الخيول كوسيلة رئيسة للنقل في أوائل القرن العشرين، فإنها لم تخلق وظائف جديدة في صناعة السيارات والصناعات ذات الصلة فحسب، بل زادت الطلب على السفر والسياحة والضيافة والترفيه وصناعات أخرى أيضاً.

لذلك، لا ينبغي أن نخشى أن يتسبب الذكاء الاصطناعي في بطالة جماعية في المستقبل المنظور، بدلاً من ذلك، يجب أن نتوقع أن يخلق الذكاء الاصطناعي وظائف جديدة وأن يزداد الطلب على العمال. ومع ذلك لا يعني هذا أن الجميع سيستفيدون بالتساوي من الذكاء الاصطناعي أو أنه لن تكون هناك تحديات أو اضطرابات على طول الطريق.

سيغير الذكاء الاصطناعي طبيعة العمل والمهارات المطلوبة له. ومن المؤكد أن العمال الذين يمتلكون مهارات الذكاء الاصطناعي سيحلون محل أولئك الذين يفتقرون لهذه المهارات. فالشخص الذي لديه يملك المهارات لتسخير هذه التكنولوجيا سيتفوق على من لا يملكها، وسيكون أكثر قيمة منه.
لقد نشرت منظمة العمل الدولية (LLO) وثيقة عمل بعنوان "الذكاء الاصطناعي والوظائف التوليدية" بتاريخ 21 اّب 2023، قيمت بموجبها التأثير الذي سيحدثه الذكاء الاصطناعي على المهن، ودعمت بموجبها الاستنتاج الذي مفاده أن تقنية الذكاء الاصطناعي ستكمل وتعزز معظم الوظائف بدلاً من أن تحل محل البشر. وهذا يدعم ما كنت أقوله لسنوات، فالتقرير يقول:

"ونتيجة لذلك، من المرجح أن يكون التأثير الأكثر أهمية لهذه التكنولوجيا هو تعزيز العمل من خلال أتمتة بعض المهام ضمن المهنة مع ترك الوقت لواجبات أخرى- بدلاً من الأتمتة الكاملة للمهن"

أرى أن العديد من التخصصات أصبحت تعتمد بشكل كبير على امتلاك مهارات الذكاء الاصطناعي، لا سيما مهنة تدقيق الحسابات، حيث تستخدم الشركات المزيد من التكنولوجيا القائمة على الذكاء الاصطناعي مما يجعل من المستحيل إجراء عمليات التدقيق اليدوي التقليدي بأي درجة من الدقة.
وهنا ادعو الحكومات إلى اعتماد سياسات استباقية وتقديم الدعم للمساعدة في التحولات الاستشارية، وكذلك المشاركة في الحوار الاجتماعي وإصدار اللوائح لضمان وحدة التوظيف وإعادة صقل المهارات والتطوير للجميع. وسيساعد هذا في إدارة التغيير التكنولوجي الناتج الذي يجلبه هذا الابتكار إلى جميع قطاعات المجتمع.

لدى مجموعة طلال أبوغزاله العالمية مجموعة من خدمات الذكاء الاصطناعي (ProPro). للمزيد من المعلومات يرجى التواصل مع الدكتورة فاديا سليمان (البريد الإلكتروني: fsouliman@tag-consultants.com)
طلال أبوغزاله