المقاطعة الاقتصادية فرصة تاريخية للنهوض بالصناعات الوطنية
08 أبريل 2024
إحسان القاسم
معروف أن أحد الأمثلة الأكثر شهرة على استراتيجية المقاطعة يكمن في دورها المحوري في تفكيك نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، فهي بسيطة من حيث المبدأ لكنها قوية بالفعل في إحداث التغيير من خلال ممارسة الضغط الاقتصادي على البلدان والشركات التي تدعم الاحتلال الإسرائيلي بهدف تضخيم تكلفة هذا الدعم.
ومع ذلك، يمكن للمقاطعة أن تكون فرصة ومنحة ليس فقط لمعارضة الاحتلال والعدوان كهدف أخلاقي، ولكن أيضًا للاستفادة من أجل بناء وتعزيز الصناعات الوطنية وتمكين القوى العاملة المحلية.
ففي أعقاب العدوان الإسرائيلي الهمجي على قطاع غزة، وبدء حملات مقاطعة الشركات الأمريكية والغربية، امتدت عربيا إلى ما هو أبعد من مجرد رفض ومقاطعة المنتجات الداعمة للاحتلال؛ إلى تمييز ودعم المنتجات الوطنية.
إذن نحن في الأردن، أمام فرصة تاريخية من أجل تشجيع الصناعات الوطنية كضرورة استراتيجية تهدف إلى تقليل الاعتماد على الواردات، وتعزيز المبادرات المخصصة لدعم الصناعات المحلية، وتعزيز بيئة مواتية لزيادة الاستثمار من قبل رواد الأعمال والمستثمرين في المشاريع الصناعية.
هذا النهج متعدد الأوجه لا يتضمن تفضيل المستهلك للمنتجات الأردنية فحسب، بل يشمل أيضًا معالجة النظام البيئي الاقتصادي بشكل فعال لتقليل الاعتماد على الخارج، وتعزيز مرونة واستدامة القطاع الصناعي في الأردن من خلال توجيه الدعم نحو المؤسسات المحلية.
ويمكن من خلال رعاية مناخ يشجع المستثمرين المحليين والأجانب، فضلاً عن تمكين رواد الأعمال، وتنشيط المشاريع الصناعية التي تساهم في النمو الاقتصادي والاكتفاء الذاتي، وضع الأردن على مسار أكبر من وقف نزيف العملات الأجنبية وتحقيق الاستقلال الاقتصادي والرفاه الاجتماعي وتوليد آلاف فرص العمل.
لكن لاغتنام هذه الفرصة لا بد من إجراء تقييم شامل للحالة السائدة للاقتصاد الوطني، وفحص دقيق بهدف تحديد الفرص الكامنة لتنمية القطاعات الاقتصادية الرئيسية وتعزيز قدرتها التنافسية على الجبهتين المحلية والدولية كأساس لصياغة خارطة طريق اقتصادية استراتيجية، مصممة بدقة لتحفيز النمو، وتوليد فرص اقتصادية جديدة، كما لا بد للصناعات الوطنية ذاتها أن تبدأ في نهج صارم للتطوير الذاتي وتبني أعلى معايير الجودة والتحسين والتكيف.