طلال أبوغزاله يقول": لماذا "نحن بريئون أكثر من اللازم"؟
26 يوليو 2020د. مشيرة عنيزات
26-07-2020
قد يُخفي الجمال عيوبًا لا تَظهرُ من النظرة الأولى..
ورغم استمتاعنا بالجمال، إلا أنّ شيئا ما قد يفسدُ علينا إحساسنا به.
تمامًا، مثل الذبابة التي قد تفسد علينا جلستنا وجمال ما نشاهد، وتضطرنا إلى مغادرة المكان غير آسفين..
وإنها لمقاربة صالحة تلك التي نسعى إليها بين الجمال في الطبيعة والجمال في بني الإنسان، وإن شئت قل "الجمال في البشر" فهو جمال مغطّى بقشرة تُخفي خلفها كدرًا لا يُرى بالعين المجردة!
إنّ داخل النفس ما يختلف عن ظاهرها، فكلّ واحد منّا يخبّئ شيئا يكون سببًا في تعكير صفو حياته، أو ربما يُخفي عيبًا، ويواريه كي لا يفسد ما يُرى من جمال خارجي!
ومن الجمال في البشر، ننتقل إلى الجمال فيما يصنعه البشر، من خلال ما قد نسمع أو نرى، وإننا على يقين بأن الجمال الفاتن لدول أوروبا وأمريكا، لم يعد ذلك الجمال الباهر، الذي لا مثيل له، في ظل انفتاح العالم، وتشابهه في أغلب "مادياته".
ولقد كشفت جائحة الوباء الأخيرة الغِطاء الذي كان يُخفي ذاك الجمال ولا يُظهر إلاه.. وكان سببًا رئيسًا في تغيير نظرتنا لهذه الدّول التي كنّا نصفها بالعُظمى ونميّز شعوبها بأنّها "الأرقى".
حتى انكشف الغطاء ورأينا كيف تصرّفت حكومات تلك الدول أثناء إدارتهم للأزمة، وشاهدنا طريقة تعاملهم مع شعوبهم، واستهتارهم بالأرواح، ورأينا الأرقام المهولة لعدد الوفيات اليوميّة؛ بسبب هشاشة الاحترازات الصّحيّة وضعف البنى التّحتية للمستشفيات، وراقبنا تخبطات الدّول الأوروبيّة المنكوبة جرّاء هذا الوباء.
إننا رأينا أبناء تلك الدول وهم يتضاربون على مناديل ورقية، ورأيناهم وهم يصطفون في طوابير بمئات الأمتار للتّسوق، ورأيناهم وهم يتقاتلون على الطعام، ويسرقونه من سيارات التّوصيل الخاصة بالمطاعم، لقد تسبب الوباء في إظهار حقيقتهم، حتى "سقط كل جمالٍ لهم من أعيننا".
كما مارست حكومات تلك الدول نظرية الحرمان من الرّعاية الصحية لفئة كبار السن؛ عندما كانوا يختارون مَنْ سيموت أولا، كما مارس حكّامهم الظلم على رعاياهم، ممن يحملون جنسية بلدانهم، فكيف بالعرب المفتونين بالغرب والعاشقين له والمهوسين بشعاراته، ممّن ليسوا من حملة جنسيات دوله، وقد تعرضوا للقهر والذل والاستحقار؛ بحجة أن لا مكان لهم وأنه يجب عليهم العودة إلى بلدانهم.
يقول طلال أبوغزاله: "لقد أخطأنا خطأ كبيرًا بأن انجرفنا وراء أكذوبة السلام، وهذه أيضًا من التّعابير التي صيغت لنا".
لقد صاغوا لنا تعابير السّلام والعدل والمساواة والحرية، وانجرفنا وراءهم، حتى رأيناهم يُسقطون هذه الشّعارات أمامنا، فلا من عدل ولا من حرية ولا من مساواة، هناك واقعًا! ولقد كشفت الأزمة شعارهم الأمثل: "أنا ومن بعدي الطوفان!".
يقول طلال أبوغزاله: "نحن الآن في مرحلة المخاض والتّضحيات، والخسائر لكي نصل إلى ما هو منشود، فلا يعُقل أن نتخيّل أنّنا بكبسة زر سننتقل من عهد النّظام المتسلّط الفاسد المحمي من مصالح غربية وأجنبية، إلى النّظام الذي نحلم به، ونتوقع أن كل أصحاب هذه المصالح سيتخلون عن مصالحهم؛ ليتركوا لنا الحرية لنصلح ما نريد. إذا تخيّلنا ذلك فنحن بريئون أكثر من اللازم".
نعم يا دكتور طلال!
نحن بريئون أكثر من اللازم، ونحن طيّبون أكثر من اللازم ، النّفط في أحشاء دولنا ونموت جوعًا، الثّروات والخيرات أمامنا ونموت فقرًا، الماء في بطون أراضينا، ونموت عطشا، "لا تدري لعلّ الله يُحدث بعد ذلك أمرًا".