التّعلّم الوجاهيّ الذّكي: ريادة في الرّقمية والابتكار
01 يناير 2019 د.عماد الخطيبتعد "كلية طلال أبوغزاله الجامعية: البيئة الأكثر ملاءمة للتّعلّم عن بعد"، ويعد التعلم عن بعد (قرارًا) علينا نحن أن نتخذه، لا أن ننتظر مناسبة كي نلجأ إليه، وهو الآن حكاية كل شعوب الأرض، الأمر الذي لفتُّ الانتباه إليه منذ ربع قرن!
فلماذا اقتنع الناس أخيرًا في "التّعلم عن بعد"؟
ولماذا ننادي الآن بالدّمج بين التّعلمين (الوجاهيّ) و(عن بعد) ليشكلا صورة للتعلّم العصري الجديد.. القادم بقوة.. الأكثر صوابًا؟
هل آن لنا أن نوجّه بوصلة تعلمينا تجاه "التعلم الوجاهي الذكي"؟
لقد تطورت طريقة استخدام التقنيات، ففي الوقت الذي بدأت التقنية – حيية- في استشهاد أحد الباحثين بمادة أو خطوة بحث من مصدر تقني إلكتروني، وكان المشرف على مقالته يظنه (محتالا) عليه؛ إذ لم يعد في معلومته إلى النسخة المطبوعة الورقية المحفوظة في المكتبة، ولم يدونها في مقالته! نصل اليوم إلى عالم يقبل بالمصدر الإلكتروني مساويًا في الدرجة مع المصدر الورقي، وسنصل مستقبلا إلى تفضيل المصدر الإلكتروني الرقمي على المصدر الورقي، بل قد نتجاوز ذلك إلى اعتماد مصادر كنا نعدها ضربًا من (الخيال التوثيقي) مثل: مقطع صوتي من محاضرة، او جزء من مقابلة، أو حلقة من سلسلة حلقات تعرض على فضائية معينة، أو غير ذلك.
ولماذا نحاكم المصدر، ولا نحاكم الفكرة التي جلبها الباحث، أو الفكرة التي يريد أن يتوصل إليها؟
لقد لعبت التقنية في حياتنا دورًا قياديًا وأصبح لها "دور الغلبة"، وها هي اليوم تتصدر الندوات واللقاءات والاجتماعات التربوية التعلمية.. ولم يعد مجالا للشك من أن العصر القادم هو "عصر التعلم الرقمي"، وأننا نسير نحو ترقية فكرنا نحو التعلم الوجاهي؛ ليصبح مسماه " التعلم الوجاهي الرقمي". فكيف سيكون ذلك؟
يعلمنا طلال أبوغزاله أننا في عصر الحداثة والتقدم والابتكار لا ننظر في القشور، بل ننظر في الجوهر المتحقق من العملية التعلمية/التعليمية، وليس سرابًا أننا حققنا في مرحلة "التعلم الإلكتروني عن بعد" مكتسبات ما كنا لنحققها لو بقينا نلهث وراء نظريات وأشكال تربوية فات قطارها بوجود "عصر التقنية الإلكتروني" الذي حوّلنا إلى "رقميين" دون أن يسألنا إن كنا نرغب في ذلك أم لا!
إن " التعلم الوجاهي الذكي" هو التعلم الأكثر ملاءمة لعصرنا، وهو التعلم الذي لا يستغني عن المعلم الوجاهي، ولكن ينظم عمله بعدّه (قائدًا) للعملية التعلمية/التعليمية، ووظيفته هي (السيطرة على مكان وزمان المادة ومتابعة تبويبها وإعطائها في وقتها) وهي وظيفة مهمة بالنسبة للعملية التعلمية التعليمية؛ لأن كثيرًا من طلبتنا لم يعتد على تنظيم نفسه وحده، بعيدًا عن الآخر، ويحتاج لهذا الآخر كي ينظم له وقته، فيما كان يعرف فيما مضى بـ (جدول الحصص الدراسي).
ويعلمنا طلال أبوغزاله أنه سوف تتغير مسميات وتحضر أخرى، فبدلا من (جدول الحصص الدراسي) أو (جدول المحاضرات الأسبوعي) سوف يظهر (المنظم الإلكتروني للحصص) لإثبات حضور الطالب أو عدم إثباته، دون الحاجة إلى التقليد المتبع في ضرورة تواجد الطالب في مكان وزمان ملازمين له: "التعليم موجود في كل مكان وفي أي زمان وتحت أي ظروف" فلا سبيل للقول بأن عدد أيام السنة الدراسية هو كذا أو كذا، بل عدد أيام السنة ينتهي بانتهاء عدد الحصص التي أتمها الطالب، ولا سبيل للقول بأننا نفوض مدراء التربية والتعليم من أجل إقرار دوام طلبتهم أو عدمه إذا ما حضر إلينا (الزائر الأبيض) شتاء؛ لأن التعليم مستمر وتحت أي ظرف، ولا سبيل لإلغاء يوم دراسي أو زيادة آخر بالسنة الدراسية؛ لأنها تحتسب بإنهاء متطلبات بعينها.
أما الاختبارات فالمسألة سهلة؛ لأننا يجب أن نتحول بها من (الحفظ التذكري) إلى (الابتكار والاختراع) وآن الأوان لوقوف التربويين عند هذا المصطلح وتحدي كل الظروف؛ لأن الابتكار لا يرتبط ببيئة دون أخرى، ولا علاقة له بما نسميه (الأقل حظا) فلا وجود لهذا المصطلح في ظل تساوي العالم اليوم ببيئة تقنية رقمية إلكترونية، ووا عجبًا من مقنع نفسه بعد، بأن هناك من لا يملك حتى أداة يدرس خلالها. الكلام مبالغ فيه، ولكن لنقل إننا لم نصنع – بعد – جيلا تقنيًّا بمعنى الكلمة؛ ويمكننا ذلك إذا بدأنا نؤسس للجيل القادم.
إن هذه اللغة التي ترونها موجودة فعليًّا في "كلية طلال أبوغزاله للابتكار"، وإننا لا نسمع أي شكوى من طالب لا يتمكن من استخدام التقنية، وإننا نساهم في زيادة اطمئنان الطالب إلى إمكانية مراجعته لمحاضرته وقت ما يشاء وكيفما شاء، وإننا نعتمد (الابتكار) لا (الاختبار) شرطًا للنجاح في كل مساقاتنا، وعليه فنحن "البيئة الأكثر ملاءمة للتعلم عن بعد" ونحترم كل من يحذو حذونا، ونريد لمجتمعنا أن نشكّل معًا في العالم العربي عامة، والأردن خاصة بيئات ابتكارية لتعلم وجاهي ذكي.
وقديمًا قلنا: " إننا في التعلم من أجل الابتكار نتحدث إذ نحاكي أسلوبًا صار رائجًا، وليس من العدل أن نبقى مقصّرين، وأن نبقى مستهلكين، لا نحمل روحًا للابتكار؛ فأوجدنا بيئات مناسبة يسترشد به المتعلم بعددٍ من التجارب العالمية؛ كي يحاكيها ويبدع مثلها، وقد يتفوق عليها، فلا بد لكي تنشئ جيلا مبتكرًا أن تنوع في أساليب تعلّمه".