لُبنان.. وفرصَة إصْلاح ما أفسَدَهُ الدّهر
14 يناير 2020 د.عماد الخطيبلبنان هو لبنان العرب، سأتكلم اليوم بصفة "طلال أبوغزاله" لبناني –كما يعلمنا -؛ لأنني عربي وأشعر بما أصاب لبنان، كما أشعر بما يصيب الفلسطينيين والسوريين واليمنيين والليبيين وكل بلد عربي، كارثتنا كأمة هي كارثة واحدة وعدوّنا هو عدوّ واحد.
ويعلمنا طلال أبوغزاله..
"إنني أحب هذا البلد، كما يحبه كل لبناني، لأنني عشت، وترعرعت فيه وتعلمتُ وأنشأت مؤستتي التي أصبحت ما هي عليه الآن، وكل ذلك بفضل دعم هذا الشعب العظيم، ومحبته، فأنا لبناني قلبًا وشعورًا وعقلًا، وسأركز على (عقلًا)؛ لأنه في الأزمات يجب أن نُحكم العقل، لا العاطفة".
وتحيط بلبنان الآن كوارث عدة، ومنها كارثة المرفأ الأخيرة، ولا يقلل من أهميتها عاقل أو مجنون، فلا يتهمني أحد بالتقليل من أهميتها عندما يسمع ما سأقول.. لأنه يجب علينا الانتصار على آلامنا وكارثتنا؛ لأن ذلك هو ما يرضي أرواح الشهداء والجرحى.
"الكوارث لا تصنع النهايات، بل تنبئ بالبدايات ": فـ (ألمانيا) التي دُمرت في الحرب العالمية، أصبحت من أهم خمسة اقتصادات على مستوى العالم، واليابان أظهرت عظمتها بعد استهدافه بالنّووي.. إن في التاريخ دروسًا عن أمم عظيمة نهضت من بعد كوارث أصابتها.
نعرف – تمامًا – قدرة شعب لبنان العظيم على الصمود، فحتى في أعتى الحروب العدوانية الإسرائيلية لم يقهر! ويجب ألا نستجدي العالم كذلك "كي ينقذنا".
وفي الوقت نفسه يجب ألا ننسى واجبنا تجاه "إعادة بناء المرفأ، وهذا هو الردّ الأنسب على هذه الجريمة السوداء مهما كانت طبيعية أو مفتعلة..
ويعلمنا طلال أبوغزاله..
"إنني أول من يقدّم وبشكل تطوّعي أي جهد وأي مساعدة مطلوبة مني كمواطن عربي، أولًا وكلاجئ فلسطيني في لبنان ثانيًا، وأدين بالفضل لهذا البلد؛ فأنا أضع نفسي تحت التّصرّف بأي شكل تراه قيادة هذا البلد العزيز.. وأقول ذلك لأنني أنظر إلى المستقبل بمعايير التاريخ والجغرافيا والعنصر البشري الإنساني.. صاحب الإرادة الأكبر".
ويجب ألا نستمر بالتشكيك في رجالات هذا البلد!
إن لبنان فيه رجال خيّرون، وإن عبارة "كلّن يعني كلّن" قد تبدو جذّابة ومفيدة، ولكنها - يا أبنائي الشّباب الثائرين - لن تحلّ مشاكلكم، بل ستعمقها؛ فأنت تحكم على كل من حَكَم لبنان بالفساد.. وبالتالي ليس هنالك أمل فيه، وهذا غير صحيح، فيا أبنائي الشباب: سمّوا الأشياء بأسمائها "هل الصديق العزيز والرجل الكبير الذي يعرفه الناس (سليم الحص) ضمن (كلن يعني كلن)"!
إن منطق العقل والحكمة والوطنية الحقيقية يوجب علينا أن نبحث "كيف نُصلح النظام بدلًا من أن نتهمه"،
يتم منع الفساد من خلال إجرائين متساويين:
1-إصلاح النظام ليمنع الفساد.
2-محاكمة الفاسدين.
وعلى الدولة ألا تراجع كل فريق من الفرقاء؛ لاتخاذ القرار قبل عرضه على مجلس النواب أو بعد عرضه على مجلس النواب فهي دولة لا تمارس الديمقراطية بذلك، وكما يقول المثل الأمريكي: "ليست هذه الطريقة لإدارة محطة ترامب" أو كما يقول العرب: "ما هكذا تُساق الإبل"، ففي لبنان نظام ديمقراطي، وتعريف هذا النظام: أن الشعب يقوم بانتخاب ممثلين، وأن الشعب هو مصدر السُلُطات، ويوكَل للنّواب اتخاذ القرارات بموجب الثّقة المُخوّلة له من النّاخب، وبالتالي يصبح هو مصدر السلطات أعني "مجلس النواب"، وليس الفرقاء أو الأحزاب؛ لأن الفرقاء سينتهي دورهم، ففي أمريكا عندما يُطرح أي موضوع ويحتاج إلى قرار هل نذهب لاستشارة الحزب الديمقراطي أو الحزب الجمهوري.. الجواب (لا).
وبكل تواضع يدعو طلال أبوغزاله مجلس النواب اللبناني إلى أن يأخذ دوره في هذا الظرف الحسّاس وأن يسعى إلى إعادة النهوض بلنان من خلال إنشاء (الجمهورية اللبنانية الجديدة) التي يُصاغ فيها كل ما يُصاغ، حسب الأصول الديمقراطية والنّظامية.
ولكن، كيف يمكن لهذا أن يتم؟
إنه بقيام (مجلس النواب) بالدّعوة للقاء وطنيّ تشاركيّ تدعى خلاله الأحزاب والمؤسسات الوطنية، من أجل الخروج بنظام يُحقّق الدّيمقراطية لجميع اللبنانيين ويضمن الحياة لهم، ونحن لا نحتاج في هذا إلى رعاية دولية أو رعاية عربية، ففي لبنان عقول وكفاءات، أعرفها جيدًا وتعايشتُ معها وعِشتها وتعلّمت منها.. وتمتلك قدرات فكرية، وعلمية، وسياسية، واقتصادية، لا نظير لها.. "حان الوقت لوضع نظامٍ لحُكم هذا البلد العظيم".
ويؤلمه في لبنان أن اللبنانيين لا يدركون نظر العالم إليهم بإكبار!
ولا يجوز أن نطعن بقدراتنا العقلية والفنية والعلمية والسياسية وأن نطلب من أحد أن يقوم بتوجيهنا، لفعل ما نريد..
لبنان هو "رِئتنا العربية"، وسيبقى على الدّوام.